+A
A-

"الرشاوى".. فصل جديد من معاناة أهل عفرين السورية

تزداد الصعوبات التي يواجهها سكان مدينة عفرين السورية الواقعة شمال غربي البلاد أكثر فأكثر مع الانتهاكات المستمرة ضدهم من قبل الفصائل المسلحة التي تسيطر على المدينة بدعمٍ عسكري ولوجستي مباشر من أنقرة منذ 18 آذار/مارس من العام 2018.

ولا تتوقف الانتهاكات المستمرة ضد سكان عفرين الذين فرّ نحو نصفهم إلى خارج المدينة منذ الاجتياح التركي، بحسب الأمم المتحدة، على حالات الخطف ودفع الفدية المالية، بالإضافة للسطو على الممتلكات. فقد أضحى بعض السكان مصدراً مالياً إضافيا لتلك الفصائل المدعومة من أنقرة والتي تسيطر على المدينة.

وتمنع فصائل المعارضة السورية المسلحة في عفرين مغادرة بعض السكان ممنْ تبقوا في المدينة رغم العملية العسكرية التي شنتها أنقرة أوائل العام 2018 ضد المقاتلين الأكراد، لمناطق أخرى تخضع لسيطرة النظام السوري وقوات "سوريا الديمقراطية".

وهؤلاء الذين يمنع المسلحون مغادرتهم هم مُعتقلون سابقون في سجون المسلحين المدعومين من أنقرة بتهمة "التعامل مع الإدارة الذاتية" أثناء سيطرتها على عفرين قبل سنوات، واضطر أغلبهم لدفع كفالات مالية مقابل إطلاق سراحهم.

مبالغ كبيرة

ويرغم هؤلاء في الوقت الحالي على دفع رشاوى كبيرة مجدداً لمسؤولي الفصائل المسلحة في عفرين ليتمكنوا من الوصول لمناطق أخرى نتيجة أحكام "منع السفر" الصادرة بحقهم من قبل محاكم مدنية تتبع للمجلس المحلي المدعوم من أنقرة.

وتوافقت شهادات عدد منهم على أنهم يواجهون "ضغوطا كبيرة أثناء خروجهم من عفرين" لمناطق أخرى. وقال أحدهم رافضاً ذكر اسمه خوفاً على أفراد أسرته التي لا تزال تقيم في عفرين إنه "دفع مبلغ 1000 دولار أميركي لمسلحٍ مدعوم من أنقرة ليتمكن من الوصول إلى ريف منبج".

وأضاف في اتصالٍ هاتفي مع "العربية.نت" قائلاً "بعد ذلك تمكنت من الوصول لريف مدينة منبج ومن ثم سافرت إلى القامشلي وعبر مطارها وصلت إلى دمشق".

وبحسب شهادة الشاب "العفريني"، فإن "استخدام الطائرة كلفه عبئاً مادياً إضافياً"، مشيراً إلى أن "من لا وساطة لديه مع الفصائل المسلحة يضطر في بعض الأحيان لدفع مبالغ مالية قد تتجاوز الألفي دولار أميركي كي يتمكن من مغادرة عفرين".

كما شدد الشاب في شهادته على أنه "حاول الوصول براً لمناطق سيطرة النظام من ضواحي منطقة الشهباء قبل وصوله إلى منبج، لكن عناصر النظام منعوه أيضاً من دخول مناطقهم دون معرفة السبب، لذا اضطر للسفر إلى العاصمة السورية بالطائرة".

دفع رشاوى مزدوج

ومنذ سيطرة الجيش التركي والفصائل المدعومة منه على عفرين، يعارض النظام دخول سكان عفرين إلى مناطقه دون توضيح الأسباب، لذا يضطر هؤلاء لدفع الرشاوى مرتين، الأولى للفصائل المسلحة في عفرين والثانية لعناصر النظام، ليتمكنوا من دخول مناطقهم.

ويشترط سماسرة مقرّبون من النظام أن "يدفع كل من ينحدر من عفرين مبلغ 500 دولار أميركي مقابل السماح له بدخول مناطق النظام".

ورفض مسؤول عسكري من "الجيش الوطني" المدعوم من أنقرة والذي يسيطر على عفرين، التعليق على هذه الانتهاكات، واكتفى بالقول إن "من يود السفر عليه أن يستخرج أمرا يخوّله مغادرة المدينة".

وفي الوقت عينه، تساهم قوات "سوريا الديمقراطية" بأرياف منطقة الشهباء في وصول بعض مهجّري عفرين لمدينتي حلب ودمشق في حالاتٍ طارئة، أبرزها لتلقي العلاج. وتستخدم هذه القوات الطريق العسكري الذي يربط مدينة منبج بمنطقة الشهباء. ويطالب مهجّرو عفرين الذين يعيشون في مخيماتٍ بريف حلب النظام للسماح لهم بدخول مناطقه.

وقبل اندلاع الحرب التي تشهدها سوريا منذ سنوات، كان يعيش عشرات الآلاف من سكان عفرين بمدينة حلب. وكان أغلبهم يقيم في حي الأكراد المعروف بالشيخ مقصود، بالإضافة لتواجدهم الكثيف في الأشرفية والهلك وبستان الباشا ومناطق أخرى.