لا يزال العالم في حالة ترقب وانتظار للحرب الكبرى بين الولايات المتحدة وإيران، ولا تزال الحرب الكلامية على أشدها بين الطرفين، ولا يزال قادة إيران يرددون أن الولايات المتحدة لا تستطيع مهاجمة إيران، وأن جميع السفن الحربية الأميركية في الخليج في مرمى النيران الإيرانية وأنه يمكن ضربها بالصواريخ متوسطة المدى ذاتها... لكن السؤال الذي يشغل الجميع حاليا هو: من الذي سيقدم على إطلاق الرصاصة الأولى؟

المنطق يقول إن الولايات المتحدة لن تكون صاحبة ضربة البداية، لأن الولايات المتحدة هدفها تغيير السلوك الإيراني من خلال الحصار الاقتصادي الذي بدأ سريانه بالفعل والذي سيحرم إيران من تصدير مليون ومئتي ألف برميل من النفط يوميا ويضغط على الاقتصاد الإيراني الذي يواجه مشاكل جوهرية، والنتيجة التي تريدها الولايات المتحدة من وراء هذا الحصار إجبار إيران على اتفاق آخر أكثر تشددا من اتفاق ٢٠١٥ الذي انسحب منه الرئيس الأميركي ترامب.

إذا فمجرد الحصار يكفي لتحقيق الأهداف الأميركية فيما يتعلق بالبرنامج النووي وبرنامج الصواريخ البالستية وفيما يتعلق بالعربدة الإيرانية في المنطقة، وبالتالي فلا يتوقع أحد أن تكون الولايات المتحدة من يفجر الوضع العسكري في الخليج.

فهل ستكون إيران البادئة بإطلاق الرصاصة الأولى؟ أعتقد أن إيران أيضا لن تقدم على هذه الخطوة لأنها تعلم جيدا كيف سيكون حجم الرد الأميركي الذي سيكسرها ويجعلها تأتي طائعة إلى المفاوضات وتقبل بكل الشروط الأميركية، فإيران تستطيع أن تشعل الحرب، لكنها لن تكسبها.

فلماذا قامت أميركا بحشد قواتها بهذا الحجم في الخليج؟ ولماذا قامت إيران بعمليات التخريب البحرية التي قامت بها؟ ولماذا قامت الطائرات التابعة للحوثيين بالاعتداء على الأراضي السعودية؟

الإجابة على ذلك أن الولايات المتحدة تضغط على إيران وتحشد قواتها استعدادا للرد وليس لبدء الحرب لأنها ليست بحاجة لهذه الحرب، أما إيران فتحاول أن تخيف الجميع وتسعى إلى المفاوضات وليس الحرب من خلال الحرب الكلامية التي تمارسها. الاحتمال الأكبر إذا هو أن إيران ستخضع للضغوط الأميركية، خصوصا بعد أن يتقارب الموقفان الأوروبي والأميركي ولا تجد إيران ما تتكئ عليه في هذا الصراع، أما ما عدا ذلك فهو الانتحار التام لنظام الملالي.