العدد 3882
السبت 01 يونيو 2019
banner
الأزمة العالمية 2020 والحــرب العالميــة الثالثـــة
السبت 01 يونيو 2019

منذ فترة ليست بالقصيرة وأنا لا أكـف عـن دق ناقـوس الخطـر محـذرًا من أزمة اقتصادية كبيرة قادمة قد تعصف بالاقتصاد العالمي في العام 2020. وعلى العكـس من بعــض التقارير لبعض المحللين والخبــراء، فإن لديّ اسبابا وجيهة تجعلني أعتقد بأن الأزمة الجديدة ستكون أشد فتكًا من سابقتهــا التي حدثت في العام 2008. وعلى الأرجح، وعلى نحو شبيه بما حدث في الأزمة السابقة، سوف تبدأ هذه الأزمة في الولايات المتحدة الأمريكية؛ إلا أنه يٌتوقع أن تستمر لمدة أطول وسيكون لها أثرا جسيما على اقتصادات الدول الغربية، مسببة ركودًا ومؤدية للعديد من حالات الإفلاس.

لقد فقدت الـدول في كافة أنحاء العالـم، وخاصةً في أوروبـا، ثقتهـا في قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على القيادة في القضايا المتعلقة بالسياسات الدولية المالية والتجارية والعسكرية. وقد أخذت هـذه الدول تتخلى شيئًا فشيئًا عن تحالف دام مداه سبعة عقود مع الولايات المتحدة الأمريكيــة وبـدأت بتبنّي منظومات بديلــة للتجــارة الثنائية. علاوةً على ذلك، يستمر الدولار الأمريكي في فقدان أهميته، ولعدة سنــوات الآن، أمام عملات أخرى. وقد صرح مارك كارني، محافــظ بنك إنجلترا، في كانــون الثاني/ ينايــر 2019 قائلًا "فـي نهايـة المطـاف، سوف يكون لدينا عملات احتياطيـة أخرى غير الدولار الأمريكي".

وكما كتب أستـاذ التاريــخ في جامعة ويسكونسـن، ألفريد مكوي، أن انهيار الدولار سوف يعني "ازدياد الأسعار، وارتفاع متواصل في معـدل البطالـة مع انخفاض مستمــر في الأجور الحقيقية طوال العـام 2020، وسوف تؤدي الانقسامات المحلية إلى اشتباكات عنيفة ومناقشات مسببــة لخلافات غالبًا حول قضايا رمــزية أخرى لا قيمة لهـا".

وليــس من المفاجئ أن يصــرح غوردون بــراون، رئيـس الــوزراء البريطاني الأسبق، عند سؤاله عن تكرار أزمة 2008 قائلًا "إننا نواجه خطر الانزلاق نحو أزمة مستقبلية... يجب أن ننتبه انتباهًا شديدًا للمخاطر المتصاعدة، ولكننا نعيش في عالــم بلا قيادة... التعاون الذي رأيناه في 2008 لن يكون ممكنًا في أزمة ما بعد 2018 من حيث عمل البنوك المركزية والحكومات معًا... كل ما سنفعلــه هو إلقاء اللوم على بعضنا البعض بدلًا من حل المشكلة".

بناءً على ذلك، أتوقع شخصياً أن يجلب عام 2020 معه أزمة اقتصادية وسياسية عالمية لا نظير لها. ذلك لأنه ليست السياسات الاقتصادية غيـر المنسقة للاقتصادات المتقدمة هي ما تساهم في هــذه الأزمة فقط، بل أن القرارات السياسيـة الخاطئة والسياسات غير الرشيدة ستمهد الطريق لحدوث محنة اقتصادية كبرى.

ومع ذلك، ستكون الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند أكثر قدرة على التكيف مع الأزمة ومن المتوقع أن تزدهــر مقارنة مع اقتصــادات الولايات المتحدة وأوروبا.

من الممكن أن تتعامل الصين بشكل أفضل مع أي أزمة من هذا النوع نظرًا لأن الدولة تمتلك النظــام المصرفي وتسيطر عليه، حيث ستقوم الحكومة بالتفاعل أو اتخاذ إجراءات استباقية من أجل التعامل مع أي تأثير سلبي من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، خاصةً وأنها لم تصل بعد إلى تحقيق كامل إمكانات نموها.

كما أتوقع أيضًا أن تعاني خمس دول أوروبية على الأقل من الأزمة في العام المقبل للأسباب المذكورة أعلاه، ولكن سيتم الحفاظ على عملة اليورو الموحدة. ستنمو البرازيل وروسيا والهند والصين وكوريا بمعدل ثابت خلال السنوات العشر القادمة، وعلاوةً على ذلك، أعتقد أنه خلال 10 سنوات، ستصبح بعض الدول الأفريقية أكثر تطورًا كما أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي سوف تستمر في النمو بسبب زيــادة عائدات النفط بشكل رئيسي.

وأود أن أوجز تسلســـل الأحداث حسب توقعاتي:

نحــن أمام أزمة اقتصاديــة عـالمية تؤدي لركود تضخمــي Stagflation.
سوف تتحول الحروب الثنائية التقنية والتجـارية والاقتصادية وحقوق الملكية الفكرية والمالية والعسكرية الى صــراع شامل بين العملاقين.
هذه الأزمة، وما سيتمخض عنها من صـراعات ستـؤدي لحرب عالميـة ثالثـة بين الصين والولايات المتحدة.
نتيجـة للحرب سيجتمع الطرفان المتحاربان، أمريكــا والصيــن، لبحث وقف تلك الحرب.
ستنتهي الحرب باتفاقية ينتــج عنها قيام نظام عالمي جديـــد.
ســــوف يشــــهــد العالـم العربــي نهضـة قوامـهـــا «خطــة مارشــال» اقتصادية تقــود بدورهــــا لانتعــاش وازدهــار اقتصـادي عالمي.

واستنادا لذلك، فإن أفضل نصيحة يمكن أن أقدمها في هذا الشأن هـي الاستعـداد للركود، حتى إذا لم أكـن أتوقع ركودًا. كمـا أدعو الآخرين إلى تنفيذ ما قد بدأت أنا بتنفيذه بالفعل في "طلال أبوغزاله العالميــة" (TAG.Global).

إن أفضل سبيل لتجاوز المستقبل القـريب غيـــر المؤكد هـــو التركيز على المرونة من أجـــل تحمــــل أوقــات الريبة والصدمات، من خلال بناء استراتيجيات نمو محددة ومركزة، واعتماد الكفاءات التقنية والابتكارية وتعزيزهــا، والتأكيــد علــى دور الاستدامة، واتخاذ إجراءات استباقية فيما يتعلق بالتعــاون. وينبغـي أن تركز الأعمال التجارية على محفـزات النمو طويلــة الأجـل، وليس اللجوء ببساطة إلى التقشف من خلال خفض التكاليف. نحن بحاجـة إلى "المبادرة بالأفعال وليس بردات الفعل".

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية