+A
A-

"الاستئناف" تؤيد البراءة من غسيل أموال متحصلة من وقائع احتيال

رفضت محكمة الاستئناف العليا الجنائية  الأولى طعن النيابة العامة على حكم براءة متهمين آسيويين مما نسب إليهما من اتهامات بإدعائهما على عدد من الأشخاص بالفوز بمبلغ 50 ألف دينار من إحدى شركات الاتصالات بطريقة احتيالية حتى تمكن الجاني الحقيقي من سحب مبالغ مالية من الحسابات البنكية الخاصة بالمجني عليهم، والذين أمدوه بالبيانات الخاصة بحساباتهم الشخصية و"الباسوود"، إذ اعتبرتهم المحكمة ضحية كما هو حال المجني عليهم.

وبينت المحكمة أن النيابة العامة طعنت على هذا الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وقدمت مذكرة طويت على النعي على الحكم المستأنف بالخطأ في فهم وتطبيق القانون لإغفاله للصور المتعددة للعلم بقيام القصد الجنائي للمستأنف ضدهما واختزاله في صورة واحدة وهو العلم اليقيني بعدم مشروعية المال، مخالفا بذلك القانون الذي يكتفي بالسلوك الذي يباشره الجاني وهو عدم تيقنهم بأن مصدر المال مشروع.

وأضافت النيابة أن كافة العمليات التي باشرها الجناة صاحبها علم يقيني كون ادعاء أن ما قرراه هو قول مرسل لم يتأيد بثمة دليل، وآية ذلك قبولهما لتحويلات مالية من حسابات مجهولة على حسابهما وتحويلها لحسابات أخرى من شأنها تشككهما في مصدر هذا المال، مما يكون الحكم المستأنف باعتناقه لرواية المستأنف ضدهما حجب عن نفسه وقائع الدعوى مما يعيبه بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، كما أن أدلة الاتهام تنفي رواية المستأنف ضدهما، وجاء اعتناقهما لتلك الرواية مشوبا بالغموض والإبهام وطلبت قبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبمعاقبة المستأنف ضدهما.

وقالت محكمة أول درجة في أسباب حكمها إن المتهمين هما ضحية لشخص مجهول استغلهما في تحويل ما حصل عليه من أموال من الضحايا دون علمهما، إذ أنها قد داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات وأنها ترجح دفاع المتهمين؛ وذلك أنهما وقعا ضحية للمتهم المجهول مثلهما كمثل المجني عليهم، وأنهما وثقا في أقواله كما وثق المجني عليهم، وانصاعا لأوامره لكي يتمكنا من الفوز بالجائزة المالية التي وعدهما بها من قبله.

وأضافت أن الحوار الذي دار بينهما والجاني المجهول، هو ذات الحوار الذي قرره كل الضحايا في التحقيقات، كما خلت الأوراق من أن المبالغ التي حولت لحسابيهما متحصلة من جريمة نصب، مما يكون معه القصد الجنائي منتفيا في حقهما، ولذلك فالمحكمة تقضي ببراءتهما مما أسند إليهما.

وتمثلت الواقعة في أقوال اثنين من المجني عليهم بتحقيقات النيابة، ومجن عليه ثالث بمحاضر الاستدلالات، كما شهد ملازم أول بتحقيقات النيابة بشأن ورود تقريرين ماليين مشبوهين من مصرف البحرين المركزي بحق المتهمين، يفيدان باستلامهما لتحويلات مالية متفاوتة القيمة بصورة غير اعتيادية، وذلك بحساباتهما البنكية، وأنهما يقومان بسحبها بواسطة استخدام بطاقة الصراف الآلي.

وأجرى الضابط تحرياته بشأن الواقعة، والتي أسفرت عن أن المتهمان يشاركان عصابة موجودة في دولة آسيوية قامت بتجنيدهما ليقوما بعمليات غسيل أموال، بحيث يقوم أفرادها بعمليات احتيال إلكتروني عن طريق الاتصال من خلال شبكة الإنترنت بالضحايا والادعاء بأنهم موظفين في إحدى شركات الاتصالات البحرينية، ويوهمون الضحايا بفوزهم بجائزة مالية كبيرة القيمة، ليتم الحصول منهم على بياناتهم الخاصة بحساباتهم البنكية، مما يمكنهم من اختراقها.

ودلت أيضا على أن الجناة المقيمين في تلك الدولة الآسيوية تمكنوا من الاحتيال على 4 أشخاص آسيويين، إذ كانوا يقومون بتحويل المبالغ المالية المستولى عليها من حساب الضحايا وصولا لحساب المتهم الأول، قاصدين بذلك إخفاء مصدرها عن البنوك، وبمجرد تحويل تلك المبالغ لحساب المتهم الأول يقوم الأخير بسحبها عن طريق الصراف الآلي وشراء بطاقات إنترنت عن طريق جهاز سداد وإرسالها لأفراد العصابة في ذلك البلد.

وعقب القبض على المتهم الأول تم تكليف المتهم الثاني بإكمال ذات العملية حيث كان الجناة يقومون بتحويل الأموال من حساب الأول للثاني، وذلك مقابل عمولة مقابل عمليات التحويل بين الحسابين.

وقرر أحد الضحايا المبلغين عن الواقعة، أنه تلقى اتصالا من شخص مجهول أوهمه بأنه موظف في شركة اتصالات، وأنه قد ربح جائزة مالية تقدر بمبلغ 50 ألف دينار، وطلب منه رقم حسابه البنكي والرقم السري، وأعطاه بالفعل تلك المعلومات، إلا أنه تفاجأ بسحب مبلغ 1000 دينار من حسابه.

وقررت ضحية آسيوية أخرى أنها موظفة وراتبها 123 دينارا، وقد تم سحب المبلغ بالكامل بعد تلقيها اتصالا مشابها بعدما أعطت المتصل المجهول رقم حسابها والرقم السري الخاص بالبطاقة الائتمانية.

فيما أفاد الضحية الثالث أن حسابه كان مفرغا تماما من أية أموال، فلم يجد فيه المتصل شيء بعد حصوله على المعلومات، إلا أنه استغله في إجراء عمليات احتيالية على أشخاص آخرين.

من ناحية أخرى وخلال التحقيق مع المتهمين قررا أن شخصا مجهول اتصل بهما وأبلغهما بفوزهما بجائزة مالية مقدارها 50 ألف دينار، وطلب منهما فتح حسابات بنكية لهما؛ حتى يمكن من تحويل قيمة الجائزة إليهما، وأنه قام بإرسال مبالغ مالية على حساباتهما البنكية وكان يطلب منهما سحبها وشراء بطاقات إنترنت وتصويرها بالهاتف وإرسال صور الأرصدة له عن طريق برنامج التواصل الاجتماعي "فايبر"، مضيفين بأنه كلفهما بذلك تمهيدا لتحويل قيمة الجائزة على حسابيهما الجديدين.

وكانت أحالتهما النيابة العامة للمحاكمة على اعتبار أنهما في غضون عامي 2017 و2018، ارتكبا جريمة غسل الأموال بأن أخفيا طبيعة عائد جريمة وحركته وملكيته ونقلاه وحازاه واحتفظا به مع ما يحمل على الاعتقاد بأنه متحصل من جريمتي استعمال توقيع إلكتروني والاحتيال الإلكتروني، وذلك بأن أجريا عمليات تتعلق بعائد الجريمتين والتي ارتكبت بحق المجني عليهم مع علمهم بذلك.