العدد 3909
الجمعة 28 يونيو 2019
banner
غباء الملالي... من يدفع الثمن؟ (1)
الجمعة 28 يونيو 2019

تستفيض وسائل الإعلام الموالية للنظام الإيراني وأذرعه الطائفية الإقليمية في نشر مكاسب الملالي من إسقاط الطائرة الأميركية من دون طيار، وتشعر وأنت تقرأ بعض التحليلات أن مثل هؤلاء يفتقرون إلى أبسط إدراك ووعي بالفوارق الهائلة في مكونات وعناصر القوة العسكرية بين إيران والولايات المتحدة، ولا يدركون أن القوى الكبرى يمكن أن تتعامل مع مثل هذه الحوادث من خلال معالجات سياسية تحقق لها أقصى مكاسب استراتيجية ممكنة، بل تعتبرها أحياناً فرصة أو منحة جاءت في وقتها كي توظفها في تحقيق بعض الأهداف الحيوية، ونتذكر جميعاً كيف استغل الرئيس بوتين حادث إسقاط تركيا طائرة “سوخوي” روسية في تحقيق مجمل الأهداف الاستراتيجية الروسية في سوريا، مستغلاً رغبة الأتراك في إرضاء روسيا بأي شكل كي تتراجع عن أي رد عسكري على تلك الحادثة، التي دفعت الكثيرين وقتذاك إلى توقع رد فعل روسي عسكري عنيف، لكن الرئيس بوتين اختار أن يحقق مكاسب بعيدة المدى أفضل من تحقيق انتصار عسكري سريع، لاسيما أن الحادث لم يسفر عن خسائر بشرية حيث نجح الطياران الروسيان في الهبوط من الطائرة المحترقة، وبموازاة ذلك هبط الرئيس بوتين الذي وصف الحادث بأنه “طعنة في الظهر من شركاء الإرهابيين” من التلويح بعواقب وخيمة على العلاقات بين موسكو وأنقرة، لينتزع من أردوغان ما يريده، بل ينجح في الوقيعة بينه وبين حلف الأطلسي، الذي استغاث به الأتراك عقب حادث إسقاط الطائرة الروسية!

وبخلاف ذلك، هناك العديد من الأمثلة والنماذج على إدارة أزمات مشابهة بالطريقة ذاتها التي ينتهجها الرئيس ترامب حالياً، والتي يعتبرها البعض تردداً، بينما يراها آخرون ضعفا في قدرة الرئيس ترامب على اتخاذ قرار الحرب، علماً أنه وافق على توجيه ضربة عسكرية محدودة فجر الجمعة الماضية ثم سرعان ما تراجع عن القرار بنفسه عقب الاطلاع على معلومات يعتقد أنها تتطلب تأجيل الضربة أو إلغاءها في الوقت الراهن على الأقل.

يدرك الرئيس ترامب والاستراتيجيون الأميركيون أن هذه الضربة قد تضع زمام المبادرة في يد ملالي إيران، وتترك إدارة الأزمة بين أيديهم وتخرج بقية السيناريوهات من مربع السيطرة الأميركية، فعلى سبيل المثال لا تزال هناك، من وجهة نظر ترامب، فرصة لإخضاع نظام الملالي عبر تشديد العقوبات والتريث قليلاً حتى تؤتي أُكلها، وهناك فرصة لاستخدام الدبلوماسية السرية وخيارات عسكرية أخرى مثل الحصار البحري وغير ذلك من البدائل التي يمكن أن تتقوض جراء توجيه ضربة عسكرية محدودة سرعان ما تتوسع في حال اتجاه النظام الإيراني لتوجيه ضربات في نطاق جغرافي واسع ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين

 

“لا يدرك أتباع نظام الملالي أن القوى الكبرى تتعامل من خلال معالجات تحقق لها أقصى مكاسب ممكنة”.

 

. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .