العدد 3913
الثلاثاء 02 يوليو 2019
banner
عامل التوقيت في تدرّج المواجهة الأميركية الإيرانية (3)
الثلاثاء 02 يوليو 2019

مصادر على تواصل مع صنّاع القرار في طهران أكدت أن في ذهن “الحرس الثوري” إطلاق عمليتين إضافيتين ضد ناقلات نفط في الأسابيع المقبلة، تضاف إلى العمليات الأربع السابقة، والكلام الإعلامي عن إصدار الرئيس ترامب أوامر عسكرية ثم سحب تلك التعليمات ليس موثّقاً بل كانت هناك معلومات تتحدّى الكلام عن تراجع ترامب وتشبيهه بتراجع الرئيس السابق باراك أوباما عن الخط الأحمر. ما تشير إليه هذه المعلومات هو تأني الرئيس الأميركي عسكرياً وتحبيذ المؤسسة العسكرية خيار العمليات العسكرية المحدودة والمحدّدة الأهداف Limited and targeted. هذا إلى جانب تشديد العقوبات وتوسيعها.

دونالد ترامب مقتنع بجدوى استراتيجيته القائمة على خنق إيران اقتصادياً لدرجة تضطر بالقيادة الإيرانية إلى الموافقة على صفقة جديدة تعالج الخلل في الاتفاق النووي، وتضع حدوداً لتطوير الصواريخ البالستية، وتؤدي إلى توقّف إيران عن سياسة التوسّع الإقليمية. منذ البداية، لم يكن الخيار العسكري مطروحاً بشدّة لدى دونالد ترامب سوى في إطار اتخاذ إجراءات استباقية ووقائية.

قيادة إيران هي التي تجد في استراتيجية ترامب هلاكاً للنظام داخلياً وإقليمياً، لذلك اتخذت قرار استدعاء الضربة العسكرية الأميركية ورهانها، أولاً، على دفع ترامب على الخط الأحمر ليتراجع عنه بضغوط أميركية ودولية، وثانياً، دفعه إلى الصفة الثنائية التي مدخلها خلاص النظام من العقوبات الأميركية التي شلّته وتهدد مصيره. قادة إيران هم الذين يرفضون قطعاً أي إصلاح للنظام أو تعديل في مشاريعه الإقليمية لأن في ذلك تقويضا لمنطق النظام ووجوديته، ما تراهن عليه طهران هو اقتناع إدارة ترامب بما قد تعرضه عليها إيران في المجال النووي والصاروخي سرّاً ضمن صفقة استبعاد الأدوار والمشاريع الإقليمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي لن يتخلّى عنها مرشد الجمهورية أو ساعدِه اليمين المتمثل بـ “الحرس الثوري”.

لذلك، على الدول الخليجية اليقظة والتنبّه والحذر من انعطافة أميركية ليست بعيدة عن تقاليد العلاقات الأميركية مع الأصدقاء والأعداء، قد يقال إن دونالد ترامب رئيساً مختلفاً، وهذا صحيح. لكنه رئيس يريد أن يبقى في الرئاسة، والحروب ليست مفيدة عامة لإعادة الانتخاب. هذا أيضاً جزء مما تراهن عليه طهران. لكن إفراط قادة إيران في استفزاز الحس الوطني الأميركي يهدد بنتيجة عكسية. دونالد ترامب يصبر، ويقدم التنازلات، ويتجنّب ردود الفعل العسكرية، ويدعو إيران إلى التفاوض بلا شروط، وهكذا يقدّم قضيّة واضحة حول صبره بوعي وتفاديه المواجهة العسكرية، فيما القيادة الإيرانية تفعل العكس تماماً كسياسة واستراتيجية وتكتيك.

مَن سيستطيع الصمود في “الصبر الاستراتيجي” ومَن سيخسر الحرب الكبرى إذا اندلعت؟ الولايات المتحدة هي القادرة اليوم على الصبر الاستراتيجي لأنها ليست في حال تدهور اقتصادي وإفلاس مادي سيجعل إيران حتماً الخاسر في حال تطوّر الأمور إلى حرب كبرى. “إيلاف”.

“إيران تجد في استراتيجية ترامب القائمة على خنقها اقتصادياً هلاكاً للنظام داخلياً وإقليمياً”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .