+A
A-

عراقيون يسخرون من محاربة الفساد.. "حيتان" تبتلع الدولة!

أثارت تصريحات رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي، بشأن تقدم حكومته في ملف مكافحة الفساد قبل أيام، سخريةً شعبية نتيجة فقدان الثقة في فتح هذا الملف الشائك منذ العام ٢٠٠٣.

وفي هذا السياق، أكد سياسيون عراقيون استحالة فتح ملفات الفساد في ظل هيمنة القوى السياسية "المتهمة" على موارد الدولة.

ويعتبر ملف الفساد في العراق، من أعقد الملفات الشائكة على مدار العقد الماضي، حيث يعدُ هذا الملف أخطر من ملف الإرهاب، وذلك لتورط مجموعات عدة فيه، مما جعل الأمر شائكا وملتبسا على السلطة التنفيذية، فضلاً عن اتهامات تطال العديد من أركانها.

كما أعلن عبد المهدي الثلاثاء الماضي، عن وجود أوامر قبض صادرة بحق 11 وزيراً ومن هم بدرجتهم، مبيناً أنه سيتم ذكر أسماء المتهمين في حال أثبتت التحقيقات فسادهم.

قمم السياسة.. إلى أين؟

من جهته، رجح القيادي البارز في حزب الدعوة الإسلامية، علي الأديب، انهيار العملية السياسية في حال فتح ملفات الفساد على مصراعيها داخل العراق.

وقال لـ"العربية.نت" إنه "في حال محاربة الفساد جدياً، سيتم إلقاء القبض على قمم سياسية في البلاد".

وأضاف: "بعض القوى تخشى فتح ملفات الفساد كي لا تنهار العملية السياسية ومعها الحكومة، لأن لها حصة من الوزارات".

كما أشار إلى أن "بعض الكتل السياسية تفاوض على الوزارات والدرجات الخاصة بغية الظفر بالعقود الاقتصادية لتلك المؤسسات، لذا الفساد في العراق هو ممارسة وليس كلاماً فقط".

حيتان الفساد أقوى من الدولة

بدوره، لا يثق عضو مجلس النواب عن تحالف "الفتح" أحمد الكناني، بالنتائج التي يمكن أن تتحقق من عمل الحكومة، حيث أكد لـ"العربية نت" أنّ "الأخيرة غير قادرة على الوقوف بوجه حيتان الفساد في العراق"، مبيناً أن "تصريحات عبدالمهدي الأخيرة أثارت موجة من السخرية الشعبية، لعدم ثقة الناس بجهود السلطة التنفيذية في فتح هذا الملف، إن وجدت".

وقال إنّ "الفساد في العراق لا يمكن أن ينتهي دون صولة فرسان على الفاسدين، لأنّ المشكلة في محاربة الفساد، سياسية".

كما اتهم بعض الأحزاب في العراق بـ "أنها هي التي أوجدت الفاسدين، وتستمر بحمايتهم".

قرارات المجلس الأعلى لمكافحة الفساد

وعلى إثر المعارك الإعلامية بشأن ملفات الفساد بين المسؤولين العراقيين، دعا المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، الخميس الماضي، إلى تقديم أدلة على الاتهامات الموجهة للمسؤولين عبر وسائل الإعلام، فيما أشار إلى أنه ناقش ملف الفساد والتهريب في المجال النفطي والمخدرات والمنافذ الحدودية.

طوق نجاة للفاسدين

بدورها، وصفت عضو البرلمان العراقي، عالية نصيف، قرار المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الأخير، بأنّه "محاولة فاشلة لمد طوق النجاة للفاسدين"، وقالت لـ"العربية نت"، إنّ "أعضاء البرلمان يمثلون أعلى سلطة في البلاد، ولديهم قنواتهم في ممارسة عملهم الرقابي وفق ما رسمه الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، وذلك من خلال الاستضافة والاستيضاح والسؤال والاستفسار وطلب الأدلة والمعلومات والتحقيق والاستجواب وإحالة ملفاتهم من خلال المخرجات إلى القنوات التي لها علاقة بعملهم من الادعاء العام والنزاهة"، مبينة أنّ "هذه الإجراءات معمول بها في كل برلمانات العالم".

وأضافت أنّ "المجلس الأعلى لمكافحة الفساد يحاول تقزيم سلطة الشعب والاستهانة بالدستور، فمثلاً ملفات وزارة الدفاع سبق وأن أحيلت إلى المفتش العام والادعاء وهيئة النزاهة بكتب رسمية، فما هو دور هذا المجلس المستحدث؟".

التيار الصدري وعمليات التطهير

في المقابل، اتخذ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، خطوات استباقية بدأ بتنفيذها أخيراً، محاولاً إقصاء قيادات وشخصيات بارزة في تياره متهمة بالإثراء والفساد، وشكل لجنة ثلاثية كلفت بالتحقيق مع ما يقارب (1000) شخصية متورطة بالفساد استعداداً لتجريدهم من هذه الأموال وإبعاد "المسيئين" عن صفوف التيار.

هذه الشخصيات المتوقع "طردها" من قبل الصدر وإحالة ملفاتهم إلى القضاء العراقي خلال الأيام المقبلة هم من القيادات العسكرية العاملة في "سرايا السلام" الجناح العسكري للتيار ومن السياسيين وأيضاً رجال دين متورطين بالسيطرة على عقارات ومزارع ومراكز تجارية (مولات) مهمة وكبيرة في محافظات الوسط والجنوب.

وأصدر المكتب الخاص لزعيم التيار الصدري، الجمعة ٢٦ يوليو قائمة بأسماء شخصيات قال "إنها تستخدم عنوان آل الصدر ومكتب محمد الصدر(والد مقتدى) في أعمالها التجارية".

وتعليقا على تلك الخطوة رأى الخبير القانوني وائل حسان، أن "السيد الصدر يقود خطوات إصلاحية داخل تياره السياسي، من خلال محاسبة بعض الفاسدين في تياره"، مستدركاً بالقول "لكن زعيم التيار الصدري في خطواتهِ هذه يعمل خارج نطاق القضاء العراقي، حيث يجب إطلاع الجهات القضائية على المتهمين بالفساد من كوادره لمحاسبتهم أمام المحاكم العراقية، لأن ما يفعله الصدر مؤخراً هو تكريس للفوضى واللا قانون".

وأضاف حسان لـ"العربية نت"، أن "القضاء العراقي مطالب بالتحرك ضد اللجان الاقتصادية التابعة للأحزاب العراقية التي تحاول الهيمنة على مقدرات الدولة من خلال نفوذها داخل الوزارات الحكومية"، عاداً خطوة الصدر "بالاتجاه الصحيح لو كانت ضمن إطار القضاء المركزي".