العدد 3953
الأحد 11 أغسطس 2019
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
الحياة بين ألم الحرمان و ملل الإشباع
الأحد 11 أغسطس 2019

الحياة باختصار تكمن في مفهومين عظيمين: نقاوم ما نحب، ونتحمل ما نكره. وفلسفة الوجود يختصرها الفيلسوف شوبنهاور في هذه العبارة حيث تتأرجح الحياة بين: الم الحرمان ،وملل الإشباع.

اذن وجع الحياة لا ينتهي، إن كنت جائعا لمال أو حب أو شهرة أو جنس فأنت تتألم ،وان كنت متخما بالمال و الشهرة والجنس والحب والمناصب فأنت تتألم .ما هو الحل اذن؟ الانتماء للمطلق، وهو الله، وتقليل أهمية كل ما في الوجود على انه تافه، وقد يزول بلحظة من اللحظات. المال ينفد. الحب قد يتحول الى كره. الشهرة قد يخطفها منافس فلا يمكن ان تكون فتى الشاشة الأول على طول الخط، والمنصب لابد تفهم أتى لك وسيذهب لغيرك ووحده الله الباقي.

هذه النظرية استخلصها من فلاسفة كانوا ملحدين، فتحولوا الى الإيمان. أنا لا أبيع مواعظ! انا اتحدث من موقع تجربة فلسفية واريكيولوجية للتاريخ، وبعد قراءة متعمقة في علم السوسيولوجيا وعلم النفس أن الخلاص والاطمئنان القلبي الاستسلام لقوة مطلقة، وهي الله.

ان معرفة الله بالعلم و القراءة المتأنية للوجود والظواهر الكونية و التعمق في الطبيعة والحياة ترفع الاطمئنان النفسي وتقلل أهمية أي شي في الوجود. أقول تقليل وليس إلغاء أو الكفر به.

إذن ما هو السر في التعلق خصوصا في الحب؟. في خلال بحثي الفلسفي عن الحب وسأتحدث لاحقا عن فلسفة الحكم والقوة من مفهوم فلسفي مستقبلا من بعد تاريخي أيضا. الوفاء مهم لكن يجب فصله عن التعلق. إن هناك وفاء حتى بين الطيور، فيوجد نوع من الطيور لديها وفاء كبير، فإذا ماتت الأنثى يبقى الطير الذكر وفيا لها، ولا تتزوج حتى يموت، ويبقى عائشا على ذكراها حتى آخر يوم من عمره.

لا أعلم أهذا وفاء أم تعلق مرضي، وهل الحيوانات والطيور تصاب أيضا بأمراض نفسية؟ نعم تصاب بأمراض نفسية، وسوف أتحدث عن ذلك لاحقا. هناك تعلق. وهناك غيرة، وهناك غنج ورقص وزهو واستعراض للغواية وحب قاتل، وهناك تضحية أيضا والأخطبوط الأم مضحية بشكل كبير، فهي تضع البيض، وتصوم كي لا تضطر لإلقاء الفضلات على البيض لأن الفضلات سوف تسمم البيض ويموت، لذلك فتصوم حتى تموت مضحية من أجل النسل والسلالة والعائلة، بخلاف الإنسان، فقليل الوفاء، وأناني لدرجة مستعد لقتل عائلته أو وطنه أو الملايين من البشر لأجل مصلحته كما فعل في رومانيا شاويشسكو وستالين وموسوليني وهتلر في بلدانهم أو فرانكوا في إسبانيا. الخ. عودا على بدء قاوم ما تحب ما دام يضرك، ولو كانت ذكريات، لتعيش سعيدا. يقول الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض): “اعتزل ما يُؤذيك”.

صحيح الذكريات صعبه، كما يقول محمود درويش “الشي السيئ يفتك بالذاكرة أكثر من الشيء الحسن”. لكن يبقى بيدك أنك تستطيع تغيير حياتك وتحمل الوجود واصطناع السعادة. الفرح لا يطرق بابك اذهب وانتزعه بقوة.‏

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية