العدد 3970
الأربعاء 28 أغسطس 2019
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
احترام العقل شرط الفوز
الأربعاء 28 أغسطس 2019

منذ فترة وأنا أتأمل ما نكتبه بالصحف وما ينشر بوسائل الإعلام الرسمية والأهلية، وما يبث بمحطاتنا الفضائية الخليجية، وبصراحة لا يعنيني الإعلام العربي، خصوصا المسمى زوراً بإعلام المقاومة والممانعة وغيرها من الشعارات الفارغة، ما يعنيني كما أفصحت إعلامنا البحريني والخليجي ومضمون ما يقدمه، بالتركيز وحتى بدون ذلك، سيلاحظ أي مراقب ومتابع عن كثب لهذا الإعلام أنه لم يتغير منذ أكثر من أربعين سنة، بل إن بعض محتواه يعود لحقبة أكل عليها الدهر وشرب ولا يواكب عقلية القارئ والمشاهد الذي تطور وعيه، حتى أن أسلوب مخاطبة القارئ لدى بعض الكتاب يشبه أسلوب التلقين المدرسي، وهناك بعض الكتاب يوجه القارئ بحسب ما يراه هو، ويحشر برأس القارئ ما يعتقده الكاتب لا ما يقوله الواقع الذي يعايشه القارئ، لدرجة أن هناك من يبدأ الكتابة بعبارات، هذا صح وهذا خطأ، هذا مسموح وهذا محرم، هذا أبيض وذاك أسود، وكأن القارئ أعمى العقل والبصر.

أما ما نشاهده بالفضائيات، فمازال دون ملامسة العصر والتطور العقلي والمادي للمجتمع، فبينما العالم يتغير والعقول تتبدل ووسائل التواصل الاجتماعي تحتل المنصات بمختلف العقائد والتوجيهات والتوجهات، فإن إذاعاتنا المسموعة في غيبوبة منذ عقد التسعينات بالقرن الماضي حيث توقف نبضها عند تلك الحقبة وما تبثه لا يعدو اجترارا لما كان يبث في القرن الماضي، أما الفضائيات فالدليل أن المواطن والمشاهد الخليجي هرب لشبكات البرامج المؤجرة ومدفوعة الثمن مثل نتفليكس وقنوات البث المشفرة، وهذا دليل على أن المشاهد لا يعبأ بهذه القنوات التي تكلف الكثير دون جدوى، فمجرد إشاعة تبث من وسائل التواصل الاجتماعي تفوق في انتشارها ما يبث على هذه القنوات المرئية والإذاعات المسموعة، وحتى أثبت ذلك جربوا نشر خبر أو كذبة بوسيلة اتصال رسمية مقابل وسيلة اتصال اجتماعية واكتشفوا الفرق.

من هنا أقول، مرتين، حرام حرام، هذا الجهد يتبخر دون أن يترك أثرا أو بصمة في وعي المواطن الخليجي الذي هو بحاجة لوسائل عصرية وذكية تواكب ذكاء المتلقي، فنحن اليوم وفي ظل التحديات الداخلية والخارجية، المالية والأمنية والاجتماعية، والثقافية، بحاجة لأصوات وأقلام وذكاء يوازي العقل المتلقي، فلم يعد الإعلام والصحافة مجرد تكرار لما قدم في مراحل وحقب سابقة غابرة، لنحترم المتلقي وعقله ووعيه وننظر للعصر الذي نعيشه بعقل العصر، فالوقت الذي كان فيه القارئ والمشاهد يعتمد على الوسائل المحلية ولى، فهناك بدائل عالمية تدس السم بالعسل فلننتبه ونتغير ونغير أدواتنا وأساليبنا حتى نعيش بسلام.

تنويرة:

خروجك من السرب ضرورة إذا فقد السرب وجهته.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية