العدد 3970
الأربعاء 28 أغسطس 2019
banner
ظريف ما بين الشرق والغرب
الأربعاء 28 أغسطس 2019

على الرغم من أن آخر مستجدات الصراع الإيراني-الأميركي تدل على أن الصراع يصب في صالح النظام الإيراني الإرهابي، خصوصاً بعد الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية أدريان داريا 1، رغم مطالبة الولايات المتحدة الأميركية سلطات مضيق جبل طارق بعدم الإفراج عنها، إلا أن المتتبع لتحركات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف سيجد غير ذلك. فظريف قام بعدد من الرحلات المكوكية خلال الأيام الماضية، حيث انتقل من منطقة الخليج العربي، أي من الدوحة الحليفة له والتي ترى أن إيران دولة شريفة، كما يراها هو أنها صديقة حميمة لترامب، والكويت المعروفة بأدوار الوساطة، ليحمل بعدها أجنداته إلى فنلندا، التي تترأس الاتحاد الأوروبي في فترة تناوبية، والسويد والنرويج. ظريف حرص على أن تكون فرنسا ما بين محطاته غربا، بل ربما كانت أهمها، ففرنسا تحتضن اجتماع الدول الصناعية الكبرى هذا الأسبوع، لذلك فإن حرصه على لقاء الرئيس الفرنسي ماكرون نابع من أهمية دور الوساطة الذي يلعبه الرئيس الفرنسي ما بين ترامب والنظام الإيراني خصوصاً، وأن فرنسا مازالت متمسكة بالاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن.c باريس تقود جهود المحور الأوروبي للخروج بأقل الخسائر في الصراع الإيراني الأميركي في ظل انكفاء برلين وانشغال لندن بالبريكست، ذلك أن تصاعد الأزمة بين الطرفين يزيد متاعبها، خصوصاً الاقتصادية منها، لذلك حرص ظريف على لقاء ماكرون قبيل اجتماعه مع ترامب على أمل التوصل لتسوية في سبيل حل هذه الأزمة. على الطرف الآخر أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية عزم ظريف التوجه إلى كل من اليابان والصين عملاقي الصناعة الآسيوية، فعلى الرغم من أن الصين طرف في الاتفاق النووي إلا أنها تختلف عن باقي الدول في أنها تخوض هي الأخرى حرباً اقتصادية شنعاء ضد واشنطن، ومن هذا المنطلق سيسعى ظريف للتنسيق مع بكين لإيجاد حلول تخفف وطأة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، أما طوكيو فقد عبرت مراراً عن تطوعها للوساطة ما بين طهران وواشنطن خصوصاً في ظل الزيارات المتبادلة في الفترة الماضية.

الواضح أن ظريف يسعى للتفاوض عن طريق الوسطاء سواء الأوروبيين أو الآسيويين، خصوصاً أن الفترة الماضية كانت كافية للتأكد من أن احتمال نشوب حرب بين الطرفين ضعيفة، لكن طهران تسعى لأن تجلس على طاولة التفاوض وهي في موقف قوة لا ضعف، لذلك تسعى من خلال الوسطاء لتمرير شروطها والتنصل من شروط ترامب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية