+A
A-

لمواجهة إيران.. أميركا تتمسّك بالمنطقة الآمنة في سوريا

مع بدء خروج الأكراد السوريين من الشريط الحدودي المحاذي للحدود التركية، تواجه منطقة شمال شرق سوريا تحديات كثيرة، أقلّها، أين تتوقف المطالب التركية؟

بحسب أكثر من مصدر في العاصمة الأميركية، لا تقبل تركيا بأي جيب كردي داخل الأراضي السورية، وقد أكدت أنقره أكثر من مرّة للأميركيين أنها لا تريد تكرار تجربة كردستان العراق، خصوصاً أن تركيا ترى الأكراد السوريين على أنهم "فصيل" من حزب العمّال الكردستاني، وتصنّفهم أنقره تنظيماً إرهابياً ولا تريدهم أن يسيطروا على أي بقعة في أي مكان.

قدّم الأكراد السوريون تنازلاً كبيراً للأميركيين خلال مفاوضات "المنطقة الآمنة"، وقبلوا بالانسحاب من الشريط الحدودي بعمق 5 كلم كما تعهدوا بسحب الآليات الثقيلة بعمق 9 كيلومترات إضافية، في المقابل، أكد الأميركيون للأكراد أن "قوات سوريا الديموقراطية" ستبقى منتشرة في المنطقة الحدودية، وأن الأتراك لن يتمركزوا في عمق الجيب.

جاءت هذه التأكيدات خلال لقاءات ومفاوضات نائب المندوب الدائم لمحاربة داعش وليم روبوك مع قيادات وحدات الحماية الشعبية وقوات سوريا الديموقراطية.

مواجهة المطالب التركية

بحسب مصادر "العربية.نت" سيواجه الأميركيون خلال أسابيع أو أشهر قليلة تحديات المحافظة على هذا الجيب، فالأميركيون، في وزارة الخارجية ووزارة الدفاع يعرفون أن الأتراك وبعد تطبيق اتفاق المنطقة الآمنة، سيبدأون الضغط لخرق وإسقاط المنظومة الكردية، وربما إسقاط "قوات سوريا الديموقراطية".

سيجد الأميركيون أنفسهم عند ذلك أمام تحدّ أكبر وهو المحافظة على الجيب، ومواجهة إيران ومنع عودة داعش والنظام السوري إلى هذه المنطقة.

أكدت مصادر "العربية.نت" أن الأميركيين وأعضاء في التحالف، وخلال الأسابيع والأشهر الماضية، حاولوا وضع خطط لشنّ هجمات غرب النهر ضد عناصر من الحشد الشعبي العراقي الموالين لإيران، ولقطع الطريق الذي يستعمله الإيرانيون وميليشياتهم لنقل الأسلحة من طهران إلى النظام السوري.

قطع الطريق السريع

كانت الفكرة الجوهرية لدى الأميركيين وغير الأميركيين مبنية على أن البقاء شرق نهر الفرات ليس كافياً لوقف تدفّق السلاح عبر معبر القائم – البوكمال، كما أن الاحتفاظ بجيب التنف قرب مثلث الحدود الأردنية العراقية السورية يغلق مساحة واسعة من الحدود السورية العراقية، لكنه أيضاً لا يمنع التدفّق عبر الطريق الدولي وقد أصبح بيد الإيرانيين وحلفائهم.

لم تنجح هذه المحاولات حتى الآن، وبحسب مصادر "العربية.نت" لأن الأكراد السوريين تلكأوا، ثم تلقّوا وعوداً بأن الأميركيين ودول التحالف لن تطلب منهم مواجهة إيران أو النظام السوري.

ناقش أعضاء التحالف خيار تشكيل قوة ضاربة من السنّة السوريين من أهالي هذه المنطقة، خصوصاً أبناء دير الزور، ومساعدتهم لشنّ هجوم جنوب المدينة وقطع الطريق الدولي أو طرد عناصر الحشد الشعبي العراقي الموالين لإيران.

واجهت هذه الفكرة تحديات إضافية، ليس أقلّها أن الأميركيين سيرعون بذلك قوّة تتخطّى حدوداً، وهذه الحدود رسمها الأميركيون مع روسيا منذ تدخّل الروس عسكريا لصالح النظام، وكان توافق الدولتين قائم على أن يبقى الأميركيون وحلفاؤهم شرق النهر، فيما يتحرّك الروس وحلفاؤهم غرب النهر.

تؤكد مصادر "العربية.نت" أيضاً أن الأتراك أكدوا للأميركيين أنهم ليسوا طرفاً في سياسة ترمب لمواجهة إيران وهم معنيون بإعادة النازحين من أراضيهم إلى سوريا، ومعنيون بحرمان الأكراد السوريين من إنشاء كيان تصل عدواه إلى تركيا.

استراتيجية ترمب

لكن مواجهة إيران تبقى في صلب سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهو تراجع عن سحب القوات الأميركية بداية هذا العام لأن مساعديه قالوا له إن إخلاء شمال سوريا يعني فتح الطريق أمام الإيرانيين.

تؤكد مصادر الإدارة الأميركية الآن، أن جهودها منصبّة على تثبيت منطقة "شمال شرق سوريا" وستمنع واشنطن تركيا من التسبب بانهيار هذه المنطقة.

كما أن إدارة ترمب تسعى بجدّ إلى إبقاء الشركاء في التحالف منخرطين في العمل الميداني إلى جانب قوات سوريا الديموقراطية وإلى جانب العسكريين والدبلوماسيين والمستشارين الأميركيين، وقد نجح الأميركيون في جذب الفرنسيين والبريطانيين للعمل على الأرض، كما أن الأميركيين سيعمدون، وإلى فترة طويلة، إلى توفير ملايين الدولارات لإعادة بناء المنطقة، وضمان استمراريتها في شبه حكم محلي، وستكون القوى المنتشرة في هذه المنطقة "جبهة المعارضة" التي سيضطر النظام السوري للتفاوض معها، حين يأتي وقت المفاوضات.