العدد 3972
الجمعة 30 أغسطس 2019
banner
احترموا‭ ‬ميول‭ ‬الطفل‭ ‬الذي‭ ‬يقرأ
الجمعة 30 أغسطس 2019

دخلت مكتبة للبحث عن كتاب أعجبني، وبينما كنت أطوف وأحدق في الرفوف شاهدت طفلا، “8 أو 9 سنوات”، وكان يبدو عليه الانزعاج من شقيقه أو قريبه بخصوص القصة التي اختارها له، وكان ذلك واضحا من حركاته، فشقيقه كان يختار له عشوائيا ويرغمه على اقتناء القصة، والطفل كان يرفض ويقوم بحركات تدل على عدم رضاه من اختيار الآخرين ما يجب أن يقرأه ويطالعه، سمحت لنفسي بالتدخل وقلت لشقيقه اتركه يختار ما يحب من قصص الأطفال، فقد تكون عنده ميول لنوع معين من القصص، ابتسم شقيقه وقال “مشكلته ما يعرف شيبي، يقول يبي قصة ولين يبته المكتبة ما يعرف يختار”.

قلت له، اتركه لوحده يتصفح القصص والكتب ويقلبها وبالتأكيد ستشرق شمس اختياره، وبالفعل تركه لوحده وتنحى جانبا وأخذ الطفل يبعثر القصص ويغوص في بطونها، حر وحيد دون تدخل من أحد، وهذا ما يجب أن يكون، فمن الخطأ التدخل في رغبة الطفل وميوله عندما تشعر بأن لديه موهبة القراءة، فالكاتب الروسي الكبير مكسيم غوركي لم يكتف بتوجيه الكتاب الذين يكتبون للأطفال بل التفت إلى الأطفال أنفسهم وسألهم رأيهم فيما يجب أن يكتب، ففي صيف عام 1933 نشرت صحف الاتحاد السوفيتي كلها تقريبا رسالة وجهها مكسيم غوركي إلى تلاميذ المدارس والرواد، طلب فيها منهم أن يكتبوا إليه عما ينتظرونه من الدار الجديدة لنشر أدب الأطفال وعما يرغبون في قراءته وعن الكتب التي يفضلون الاطلاع عليها، فتدفقت الردود على الكاتب من مختلف أصقاع البلاد، آلاف الرسائل خربشها أطفال على أوراق انتزعوها من كراريسهم ووقعوها بأسمائهم، أو كتبوها بعناية فائقة بعد المسودة، وأرفق بعض الأطفال رسائلهم بحكايات ألفوها أو أشعار نظموها أو رسوم خططوها أو صورهم الخاصة، وسجل البعض قائمة بالأفلام التي شاهدها.

إن أولئك الذين يفهمون روح الطفل سيرون عند قراءة هذه الرسائل فورا أنها تعكس إلى حد غريب نفسية القراء الصغار، وسيجدون أنه لا مكان في تلك الرسائل لذلك النفاق الذي نعهده في رسائل الراشدين، بل سيجدون صراحة تساعدهم على فهم جمهور الأطفال القراء وأذواقهم واهتماماتهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .