العدد 3977
الأربعاء 04 سبتمبر 2019
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
لبعض الأطباء... عَرضًا وليس مرضًا!
الأربعاء 04 سبتمبر 2019

هذه مقالة لا تحمل اتهامًا لأحد؛ لكنها تضع يدها على جراح لا تُعالج أبدًا! فمؤخرا  اختفى الاهتمام الحقيقي، وانتشر الإهمال، وزادت اللامبالاة؛ بحجة الانشغال الشديد، والحاجة إلى اللحاق بركب الساعة السريع، الذي يُفضي إلى الانتهاء من دوام وظيفي بارد، وكأن الهمّ الشاغل لدى “البعض” هو رمي حمولة اليوم؛ ونفض اليد والضمير عنها، ليحل بعد ذلك يوم روتيني بليد آخر؛ حيث يتكرر المشهد السطحي الذي لا يُجيد فيه هؤلاء لغة التمثيل!

إنني أتحدث عن “البعض” من الأطباء، الذين تحولوا إلى أصحاب دكاكين، يتاجرون بأجساد الناس على الملأ، شاهر ظاهر، من الذين لا يُحسنون لغة “الإنصات”، ولم يتعلموا أو لا يريدون – في المطلق – اكتساب مبادئ بسيطة في رسم ابتسامة على خدودهم؛ علّها تشفي روح مريض؛ سعى إليهم شاكيًا علة! تجد البعض منهم ضائقًا كَمَدا من مريضه، يريد أن يطوي موعده سريعًا؛ ليتخلص منه؛ ويباشر مريضًا آخر، وهكذا يقضي بقية يومه، ما هذا؟!

إنني أتحدث عن هؤلاء “البعض” ممنْ أُسميهم “أطباء المُسكنات”، أو “المُسكِّتات”، الذين لا يُتقنون سوى لغة “الطبطبة” والتنويم، من الذين جعلوا من أنفسهم أطباء تخدير عام، فما عليك أيها المريض سوى عرض فداحة ما لديك من ألم، وأبشر بحقن وأدوية التخدير، بل عِش عليها سنوات مديدة من عمرك، وإذا وجدت أنها لا تنفع؛ لا تقلق، هناك مخدر أقوى، أو شركة أخرى؛ فجسمك اعتاد الدواء الفلاني، وسنباغته أو نخدعه بآخر، فقط ارجع إلى بيتك مطمئنا قرير العين؛ فالشركات المُصنّعة الكبيرة لم تعجز عن اختراع الأدوية بعد!

إنني أتحدث عن هؤلاء “البعض” من الأطباء، الذين لم يدرسوا جيدًا كيف يفرقون بين “المَرض والعَرض”؛ من الذين – أيها المريض غير المتخصص – يعالجون أعراض وظواهر مرضك؛ لأنك – فقط – تشتكي لهم منها، وبذلك؛ فهم يعالجون شكواك، لا مرضك! باختصار: يحومون حوله لكنهم لا يصلون إليه، وهو ما يجعل من سلسلة أدويتك أطول من أيام حياتك! طيب إلى متى؟ لولا أنها عرض لا مرض، فلو وُضعت أيديهم على جراحاتك؛ لتوقفت لقاحاتك!

فقط، قليل من الإنصات، ومسحة من ابتسامة، ومجاملة في حجم صدقة، و”لا” كبيرة للمسكنات الوقتية التي تزيد المريض لوعة ومرارة واكتئابًا ويأسًا. فماذا سينقص بعضكم لو اهتم أكثر، ومارس دور التلميذ وبحث وسأل واستفسر؛ ليتفهم العرض من المرض، وأفاد نفسه قبل الآخرين! وتحية كبيرة للأطباء الحقيقيين الذين يسبق حرصُهم واهتمامهم وصفاتهم الدوائية!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية