+A
A-

صنعاء تحت انقلاب الحوثي.. "صالة عزاء كبرى "

مرت خمسة أعوام على انقلاب ميليشيات الحوثي، على الحكومة الشرعية اليمنية، حيث بات العلم الإيراني يشاهد وسط صنعاء، ولافتات الحوثي لا تخطئها عين في شوارع العاصمة.

سنوات من الفقر والجوع والموت وقصف المدن وتشريد اليمنيين، ومع ذلك يحتفي الحوثيون بذكرى اجتياحهم صنعاء (21 سبتمبر/أيلول 2014م)، وإدخال البلاد في الحرب الأكبر بتاريخها الحديث.

وليس أدل على الحال الذي وصلت إليه اليمن، بعد خمسة اعوام من انقلاب الحوثيين واجتياحهم صنعاء، في ذكرى يوم يصفه العديد من اليمنيين بـ"يوم النكبة"، أنها عادت قرونا إلى الوراء من عدة نواح معيشية واقتصادية وسياسية، ويكفي أنها باتت تصنف طبقا للتقارير الأممية، بأسوأ كارثة إنسانية في العالم، منذ الانقلاب على السلطة الشرعية.

أكبر صالة عزاء في العالم

يرى أحد السكان أن العاصمة اليمنية أضحت تحت "ظل" الحوثيين، "أكبر صالة عزاء في العالم"، حيث يرى الداخل إليها كيف حول الحوثيون شوارعها وكل أماكن الدعاية والإعلان فيها إلى لوحات عشوائية لصور قتلى الميليشيات، حتى الأماكن العامة ومنازل المواطنين لم تسلم من دعاية الموت لقتلى سقطوا في جبهات الميليشيات.

معالم باهتة من البؤس، يلاحظها المتجول في شوارع صنعاء، وصور مجسمة لقتلى الجماعة وشعاراتها .

لا تكاد تجد موقعاً حكومياً أو مؤسسة أو منزلا لم تلطخ جدرانه باللون الأخضر الذي تتخذ منه ميليشيات الحوثي وسماً لهويتها، حتى مباني صنعاء القديمة المدرجة على قائمة التراث العالمي، باتت مكاناً أثيراً لإصباغ الشعارات الحوثية.

الوضع الحكومي والأمني

استنسخ الحوثيون النظام الإيراني بمؤسساته الموازية فبعد انقلابهم، وضعوا- كما في مؤسسة قائد الثورة في إيران- ممثلاً أو ما يسمى "مشرف حوثي"، في كل مؤسسة ووزارة وحتى إدارة وقسم شرطه تابعة للحكومة، وكلمته هي الحكم الفصل.

كما دفعوا بالآلاف من أتباعهم في المؤسسات الأمنية والعسكرية ومنحوهم رتبا عليا، وكونوا ما تسمى "اللجان الشعبية"، وهي تنظيم ميليشياوي مسلح يشبه "الحرس الثوري الايراني".

كما أنشأت عشرات السجون السرية بجانب سجون الدولة المسيطرة عليها، وزجت بآلاف المعارضين لمشروعها فيها.

الوضع الاقتصادي والإنساني

إلى ذلك، حولت ميليشيات الحوثي، تجارة السلع والمواد الأساسية إلى سوق سوداء تابعة لها، تكسب من ورائها المليارات، وهذه هي النقطة التي تذرعت بها ميليشيات الحوثي خلال اجتياحها صنعاء، إلى جانب نهب الإيرادات العامة ورواتب موظفي الدولة منذ ثلاث سنوات في مناطق سيطرتها، ما عمق من حجم المعاناة الإنسانية لليمنيين.

إنسانيا أيضا، يواجه الشعب اليمني أمراضا وأوبئة وفي مقدمتها وباء الكوليرا الذي يفتك بصحة الآلاف، هذا إلى جانب استمرار الميليشيات الحوثية في ارتكاب الجرائم بحق المدنيين في مناطق سيطرتها.

صنعاء تتحول إلى صالة عزاء لقتلى الحوثيين
صنعاء في زمن الحوثيين

صور مؤلمة يتناقلها ناشطون يمنيون يوميا، تكشف جوانب كارثية يعيشها المواطنون في مناطق سيطرة الانقلابيين، التي حولوها إلى "مقابر للأحياء"، أجساد هزيلة ينهشها الجوع، أعداد مخيفة للمتسولين الباحثين في الشوارع عما يسد رمقهم، في حين يقبع خلف الجدران آلاف الأسر المتعففة التي لم تصل إليها المساعدات الإنسانية، ولن تصل إليها ما دام قادة الميليشيات يهيمنون على كل شيء.

وعلى مدى خمسة أعوام من سيطرة الحوثيين على صنعاء لم تتراجع الوسائل الخدمية بل توقفت بشكل شبه كامل، من الكهرباء والمياه وغيرها.
والتعليم ليس أفضل حالا بعد أن أصابت الميليشيات الانقلابية المنظومة التعليمية بالشلل، في ظل عدم صرف رواتب المعلمين، ومساعيها المستمرة لتزييف المنهج الدراسي وفق تصوراتهم الإيديولوجية .

ثراء غير مسبوق للقيادات الحوثية

على الجانب الآخر، تعيش قيادات ميليشيا الحوثي ببذخ من نهب الأموال العامة ومرتبات موظفي الدولة في مناطق سيطرتها والاتجار في السوق السوداء بالمشتقات النفطية والغاز المنزلي، وفرض الجبايات غير القانونية على المواطنين والتجار.

ولعل ما يلفت النظر في أغلب أحياء صنعاء، هو حركة العمران المتسارعة؛ فهناك مبانٍ جديدة تُشيّد، وعمارات سكنية، لكن ما إن يتساءل الزائر عن السبب حتى يجد الإجابة على ألسنة السكان، الذين يؤكدون أن ملكية أغلب هذه المباني الناشئة هي لقيادات حوثية قادمة من صعدة وعمران.

كما يؤكد مراقبون أن حالة الثراء غير المسبوقة التي طرأت على عناصر الميليشيات بسبب نهب موارد الدولة والاستئثار بالمناصب، إلى جانب سعيهم إلى إحداث تغيير ديموغرافي في صنعاء لمصلحة عناصر الجماعة هي من جعلتهم يستثمرون أموالهم في شراء العقارات أو تشييدها.