العدد 3998
الأربعاء 25 سبتمبر 2019
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
عمرك القادم أهم!
الأربعاء 25 سبتمبر 2019

عمرك القادم بعد دقائق أو أيام أو شهور وسنوات أهم بكثير، من كل ما مررت به سابقًا، فلا تقبل بتسخيف ما تبقى لك منه، لا تُمّكِّن ثقيلي الظل ذوي الطاقات اليابسة والسلبية من نفسك؛ فيحبطوك أو يجعلوا منك تستخفّ أو تقلل من قدر ما سيقبل عليك من أيام حياتك! وأيا كانت تجاربك وخبراتك السابقة؛ إيجابية أم لا؛ فقد مضت، وحانت ساعة الحاضر التي يجب أن تستشرف من خلالها أجمل وأهم إطلالاتك المستقبلية القادمة.

فحين يتهامس بعض الرفاق – مثلا – بعبارات مفادها أنك كبرت أو بلغت عمرا متقدمًا؛ يستوجب عليك خفض الجناح أو التنازل: لا تقبل! فهؤلاء الذين بَهتت طاقاتهم، وذوَت أرواحهم مع كل يوم جديد؛ سيـسحبون الحياة من جفنيك، وسيـستلٌّون الابتسامة من شفاه عمرك، وسيدفعونك نحو الموت قبل أوانه! من قال إن زيادة العمر زيادة في الشقاء! من قال: إن استحقاقك الحياة يقل إذا تضاعفت سنواتك!

من قال إن تجربة لم يُكتب لها النجاح في شباب عمرك؛ لا تؤهلك لتجارب ناجحة لاحقة!؟ من قال إن عليك أن ترضى بالزهيد، والرخيص، والموجود؛ فقط لأنك أصبحت في الخمسين أو ما يزيد عليها! إنك – على العكس تماما – تستحق كل الحياة، كل الجمال، وأفضل الأشياء والأشخاص؛ فعيونك اليوم أوسع من ذي قبل، وتجاربك تؤهلك للتمييز والتدقيق، وأكمل الاختيار وأوفاه وأوسعه!

قل للمحبطين، ممن لا يفقهون فلسفة العيش في الحياة: إن حياتك في طريقها نحو البدء، وفي صفحاتها الكثير مما يستحق الكتابة، والرسم، والتفنن، والإبداع! فامرضوا وحدكم، إذا أردتم، واتركوا لنا مساحاتنا التي لا تنقص بتقدم أعمارنا بل تزيد وتتسع، وما يُقلّصها – لو استمعنا إليكم، ولسنا بفاعلين - سوى أرواحكم المليئة بعبء تجاربكم الماضية، التي اخترتم جرّها نحو مستقبل أيامكم، عيشوها إن شئتم، واتركونا بسلام آمنين، فنحن – كما يقول محمود درويش – نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا!

وللحياة هذه ألف سبيل، يتوقف ذلك – فقط – على اختياراتنا، وعلى قراراتنا، فكم من شاب تلّبَّس روح عجوز في التسعين، وكم من رجل مُسن – حسب منظورنا الرقمي للعمر – طار بجناحيّ شاب في الثلاثين! الأمر إذًا لا يتجاوز كونه اختيارا؛ سيكون مسؤولا – لاحقًا – عن مسار روحك، إلى أين، وكيف ومتى تتجه! فكن أنت من يُحدد مؤشر بوصلة عمرك!

قد يحدث أن نُخفق في تحديد مساراتنا في مرحلة مبكرة في حياتنا؛ فقد لا تكون المراحل الفتيّة من أعمارنا جديرة بفهمها أو تقييمها؛ غير أن المراحل اللاحقة خير ما يضبطها لنا؛ فهل سنتنازل عنها؛ بحجة تقدم العمر، أم سنتمسك بها، ونعض عليها بالنواجذ، وهذا الأصح؛ فعمرنا القادم أهم!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .