العدد 4000
الجمعة 27 سبتمبر 2019
banner
أيام طفولتنا... بسيطة والقلوب فرحة وخضراء
الجمعة 27 سبتمبر 2019

هناك مسألة ينبغي طرحها بطريقة واضحة ألا وهي.. ما الفرق بين أبناء جيلي وأبناء اليوم، أبناء ذلك الزمن واجهوا ألوانا عديدة من المعاناة والحرمان، ومع ذلك أبدعوا وساروا على الأرض الوعرة بكل شجاعة، وأذكر شخصيا أن جدتي رحمها الله كانت تعطيني “نص ربية” قبل خروجي وذهابي إلى مدرسة الخليل بن أحمد بداية السبعينات في المحرق، ومثلها لأخي وليد رحمه الله، ولم يكن في منزلنا “اللي كان أجار” مكيف، وكنا ننام مثل بقية العوائل فوق “السطح” بحثا عن الرطوبة التي تغسل الفراش وتجعله باردا مثل الجلباب البارد، وقبل الشمس نكون قد استيقظنا، إذ لا مجال للنوم إلى الساعة السابعة أو الثامنة صباحا حيث ستكون الشمس مثل المحراث الذي يشق العظم، ولم تكن عندنا ألعاب ووسائل ترفيه إلكترونية مثل أبناء جيل اليوم، فكل ما نعرفه هو “الصعقير، والدحروي، وبي بي عنبر، والدوامة، والتيلة”، وإذا كنت من المحظوظين والفرح سيمشي نحوك سيأخذك والدك إلى سينما المحرق مرة واحدة في السنة.

كانت حياتنا بسيطة للغاية والقلوب فرحة وخضراء والحب مخطوط على الجبين، وأحلامنا كانت بسمة مليئة بالنور، وأول أحلامي كانت الحصول على “جوتي بوت ليغا” الرياضي، ووعدني والدي بشرائه عندما أنجح وأنتقل إلى الصف الثالث الابتدائي، فانتظرت عاما دراسيا كاملا تحت رمال الحلم، وكنت معلقا فوق أعمدة الاجتهاد والمثابرة، فقد كان الحصول على “الجوتي” بالنسبة لي مثل العطشان الذي وجد الماء في الصحراء، ومن شدة فرحتي بامتلاكه بعدما نجحت كنت أغسله بعد اللعب بالماء وأدهنه بالزيت لكي يحافظ على لمعته.

في الجانب الآخر نرى أبناءنا اليوم يعيشون حياة صوتها غليظ وحضورها مخيف ومرعب، فهم يسيرون بلا اسم ولا عنوان، وأصواتهم بلا نغم، حياتهم تبرز نبتها المسموم وأعشابا من الخوف، إنهم يعبرون تحت العتمة والتكنولوجيا قد تطعمهم للنار. رحم الله ذلك الزمن ورخامه الناصع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .