العدد 4011
الثلاثاء 08 أكتوبر 2019
banner
فرنسا وحدود النقد
الثلاثاء 08 أكتوبر 2019

ابتليت الكثير من دولنا العربية والإسلامية بمجموعة من مدعي الثقافة وأنصار ما يزعمون أنها ليبرالية وحرية، ممن يسيئون للإسلام والمسلمين ويهينون أشخاصا وأحداثا، ويسوقون بأنهم بذلك يرسخون لحرية النقد والرأي والرأي الآخر.

المفارقة أن هؤلاء لا يتركون العنان لخيالاتهم وأفكارهم وإساءاتهم إلا عندما يتعلق الأمر بالإسلام والمسلمين، ونجدهم في قمة الحذر والوداعة عندما ينتقلون بأحاديثهم لموضوعات أخرى، احترامًا للتخصص ومنعًا للتداخل كما يدعون ويزعمون.
ومؤخرا قدمت دولة تعد نموذجا في الحرية واحترام الرأي والرأي الآخر لهؤلاء الصورة الواجبة لهذه الحرية والخطوط الفاصلة بينها وبين البذاءة والإساءة المرفوضة، حيث قامت النيابة العامة في باريس، بفتح تحقيق ضد الكاتب والصحافي الفرنسي إيريك زمور، بسبب تصريحات حذر فيها الفرنسيين وخصوصا الشباب بأنهم سيواجهون مشاكل كبيرة لأنهم سيكونون بمثابة أقلية مع تزايد أعداد المسلمين بسبب الهجرة، متسائلا: “هل سيوافق الشبان الفرنسيون على العيش كأقلية على أرض أجدادهم؟ إذا قبلوا، فهم يستحقون الخضوع للاستعمار، وإلا سيضطرون للحرب من أجل خلاصهم”.
النيابة الفرنسية ارتأت أن هذا الخطاب المعادي للإسلام والمهاجرين، يستهدف أصول أو دين أو عرق مجتمع، ويحرض على التمييز والكراهية والعنف، فقررت التصدي له، خصوصا أن الكاتب نفسه له سوابق من بينها مطالبته للمسلمين بالاختيار بين الإسلام وفرنسا، وتحذيره من أن النساء المسلمات المحجبات في الضواحي يردن إقامة حكم إسلامي في البلاد، وتم تغريمه ماليا على هذه التصريحات.
الأمر لم يتوقف عند حدود القضاء الفرنسي، بل امتد للسلطة التنفيذية أيضًا، إذ انتقد رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب خطابات زمور واصفًا إياها بأنها مثيرة للاشمئزاز.
“زمور” هذا يتواجد في العديد من دولنا وبصور أكثر حدة وشدة وجهلا، وهو ما يؤكد أن الأمر يستدعي مواجهة من قبل السلطات المختلفة للقضاء عليه والحفاظ على سلامة المجتمعات من جراثيم تسبب الأمراض التي تحتاج وقتا طويلا للعلاج والشفاء منها.
هناك خطوط فاصلة بين حرية النقد واحترام الرأي والرأي الآخر وبين البذاءة والإساءة المرفوضة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية