+A
A-

دماء تسيل في العراق.. عين واشنطن على "الحشد" والمحاسبة

تشكّل تظاهرات العراق علامة خاصة للحكومة الأميركية، لاسيما أن الأميركيين يعتقدون أنهم بذلوا في العراق دماء وأموالاً، ويريدون رؤية العراق دولة صديقة، ومستقلة بعيداً عن التأثير الإيراني.

لكن الأميركيين حافظوا خلال الأيام والأسابيع الماضية على مقاربة للأوضاع في العراق، بحيث لا يبدون وكأنهم يتدخّلون في الحياة السياسية العراقية.

محاسبة المجموعات المسلحة

ومع تتابع التظاهرات وسقوط القتلى والجرحى أبدى مسؤول أميركي كبير رفض الولايات المتحدة للعنف و"دعم المواطنين العراقيين في التظاهر السلمي". وذكّر في سياق الأحداث التي وقعت خلال الأسابيع الماضية أنه على "الحكومة العراقية أن تفتح تحقيقاً كاملاً وأن تتحقق من هويات المجموعات المسلحة المسؤولة عن قتل المتظاهرين العزّل وعن مهاجمة وسائل الإعلام"

وفي حين لم يجب المسؤول الأميركي الكبير على سلسلة من الأسئلة طرحتها العربية.نت تتعلق بتفاصيل التحالفات وموازين القوى في العراق، اكتفى بالقول إن "حكومة الولايات المتحدة كانت دائماً داعمة لأمن العراق واستقراره وسيادته".

وأضاف أن "الولايات المتحدة كانت دائماً ثابتة في دعمها للحكومة العراقية وللعراقيين".

الأميركيون بين تيارين

يذكر أنه منذ عودة قواتهم إلى العراق، اعتبر الأميركيون أن لديهم مهمة رئيسية، وهي القضاء على داعش، وما زالت القوات الأميركية المنتشرة على الأراضي العراقية تعمل تحت هذا الشعار، لكنه من الإنصاف القول إن الأميركيين، ومنذ مراجعة سياستهم تجاه إيران بعد مجيء الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، باتوا منقسمين بين اتجاهين، الأول هو ضرورة الخروج من العراق "لأن لا شأن لنا هناك" كما كرّر الرئيس الأميركي رأيه هذا بشأن الشرق الأوسط، وتيار آخر يتحدّث عن ضرورة مواجهة إيران على الأرض، وبالتالي ضرورة بقاء الأميركيين، جنوداً ومدنيين في العراق.

وفي هذا السياق، يعتبر خبراء الشؤون العراقية في العاصمة الأميركية أنه من الحكمة أن تأخذ الولايات المتحدة دوراً "خلفياً" في العراق، خصوصاً أن العراقيين يلومون الأميركيين عند كل مفترق فيما "المشاكل العراقية هي مشاكل داخلية" ولا علاقة للأميركيين بها.

العراقيون يلومون إيران

في المقابل، بات الكثير من العراقيين يلقون باللوم على إيران، لأنهم يعتبرون أنها صاحبة النفوذ الحقيقي، وبات العراقيون يرون الآن أن طهران هي أيضاً سبب الفساد والفقر في العراق، وذلك بإغراق الأسواق العراقية وبإرسال المخدرات ودعم المسؤولين الحكوميين السيئين.

ويؤكد استطلاع للرأي هذه النظرة، حيث أفاد أن العراقيين عامة كانوا يرون في شهر مارس 2019 وبنسبة 33% أن إيران تقوم بدور إيجابي لكن هذه النسبة انخفضت إلى 11% فقط في شهر سبتمبر، أي خلال ستة أشهر.

بالإضافة إلى ذلك، أشار استطلاع "المستقلة" الذي نشر قبل أسبوعين أن الشيعة العراقيين كانوا يعتبرون قبل ثلاث سنوات أن إيران شريك جيّد وذلك بنسبة 75%، فيما يشير آخر استطلاع إلى أن هذه النسبة انخفضت إلى 33%.

الأمل في القوات المسلحة ووهن الحشد!

من جهتهم، يرى الأميركيون في تلك الإحصاءات وما يشاهدونه على الأرض علامات إيجابية، على الرغم من تخوّفهم من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة بين المحتجّين وقوات الحكومة العراقية.

فالأميركيون يرون أن قوات الجيش ومكافحة الإرهاب والشرطة تعمل منذ سنوات في ظل سيطرة وأوامر الحكومة العراقية، كما يتمتع أفراد ومؤسسات القوات المسلحة العراقية باحترام شديد لدى العراقيين، ويعمل الأميركيون بجهد على تطوير هذه القوات وإبقائها قوة حليفة.

في المقابل، يرى الأميركيون وكذلك الكثير من العراقيين أن قوات الحشد الشعبي متحالفة مع طهران والحرس الثوري الإيراني وتتبع أوامر دولة أجنبية.

إلا أن أفضل ما يأمله الأميركيون الآن هو تصاعد المشاعر العراقية ضد الإيرانيين وبقاء القوات الحكومية رمزاً وطنياً تستطيع الولايات المتحدة الاعتماد عليه. كما تريد واشنطن أن يصيب الوهن "الحشد" (الذي يعتبرونه ذراع إيران في العراق) وأن تأخذ القوات الحكومية دوراً كاملاً عند الحدود العراقية مع سوريا وتمنع قوات "الحشد" من الاتصال المباشر مع ميليشيات إيران في سوريا.