+A
A-

ترهيب وخداع.. هذه سياسات تركيا لترحيل اللاجئين السوريين

أجبرت السلطات التركية مئات اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها على العودة إلى بلادهم التي مزقتها الحرب. وجرت عمليات الترحيل القسري للاجئين، بعضهم مكبل بالأصفاد، بشكل ممنهج، حيث تم تهديد البعض منهم بالتعرض للضرب والأذى البدني، فيما تم خداع البعض الآخر للتوقيع على إقرار بطلب "العودة الطوعية"، وفق ما نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية نقلاً عن تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية.

توطين مليوني لاجئ

وبحسب تقرير "العفو الدولية"، "تم توثيق ما لا يقل عن 20 حالة من عمليات الترحيل القسري غير القانوني من جانب السلطات التركية. ويتواجد ما يقدر بنحو 3.6 مليون سوري ممن فروا من الحرب على الأراضي التركية، ما أصبح بمثابة "صداع سياسي داخلي" للرئيس رجب طيب أردوغان بشكل متزايد".

وقبل شن التوغل العسكري التركي ضد القوات الكردية في شمال سوريا، حذر أردوغان من أنه يعتزم إعادة توطين مليوني شخص في "منطقة آمنة" على طول الحدود.

قرار ترمب

ويأتي تقرير المنظمة في أعقاب القرار المثير للجدل، الذي اتخذه الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، برفع العقوبات المفروضة على تركيا إثر شن أنقرة حملتها العسكرية ضد الأكراد في شمال سوريا.

كما هدد أردوغان، أوائل الأسبوع الماضي، بأن القوات التركية "ستسحق" الأكراد ما لم تنسحب من "المنطقة الآمنة"، بموجب اتفاق هدنة هش اتسم باستمرار خرقه من جانب أنقرة.

استضافة مدفوعة الثمن

يشار إلى أن تركيا كانت قد وقعت صفقة بقيمة 6 مليارات يورو مع الاتحاد الأوروبي عام 2016، والتي وافقت أوروبا بمقتضاها على مساعدة أنقرة في تكاليف استضافة اللاجئين.

وفي حين أنه من غير القانوني ترحيل اللاجئين قسراً إلى سوريا، لأنه يضعهم في مواجهة خطر حقيقي بالتعرض لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تزعم تركيا أن جميع العائدين إلى سوريا قاموا بالخطوة طواعية. ويقول مسؤولون أتراك إن 315 ألف لاجئ غادروا عائدين طوعاً إلى سوريا.

ووفقاً لتقرير "العفو الدولية"، الذي تضمن مقابلات مع المبعدين السوريين بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر، قامت السلطات التركية بترحيل اللاجئين مقبوضاً عليهم ومكبلين بالأصفاد على متن حافلات إلى سوريا قبل إنشاء "مناطق آمنة".

اعتداءات بالضرب

وروى بعض من تم ترحيلهم قسراً لباحثي منظمة العفو أنهم تعرضوا لاعتداءات بالضرب أو التهديد بالضرب والتعذيب لإجبارهم على توقيع إقرار طلب "العودة الطوعية".

كما أكد آخرون أنهم تعرضوا للخداع حيث أوهمتهم السلطات التركية أنهم كانوا يقومون بالتوقيع على وثيقة تسجيل، أو إقرار استلام بطانية من مركز احتجاز، وفي بعض الحالات يوقعون على استمارة إبداء رغبة بالبقاء في تركيا.

الإكراه أو التضليل

وأشار تقرير "العفو الدولية" إلى أنه استناداً إلى عشرات المقابلات، التي قام باحثو المنظمة بإجرائها ميدانياً، تبين أن عدد عمليات الترحيل غير القانوني ربما يصل إلى المئات، وأن العديد من الأشخاص تعرضوا للإكراه أو التضليل عند توقيع إقرار "العودة الطوعية".

وأكد التقرير بالفعل على وجود أدلة متزايدة على أن حملة قمع ضد اللاجئين السوريين داخل تركيا بدأت منذ الصيف. وذكر العديد من المبعدين السوريين أن ضباط الشرطة التركية قاموا بتوقيفهم في محطات القطار والأماكن العامة الأخرى وطلبوا منهم إبراز بطاقة الهوية التركية المعروفة باسم "كيملك".

ممارسات ممنهجة متماثلة

ومن بين الحالات التي أبرزها التقرير حالة قاسم (اسم مستعار)، وهو أب يبلغ من العمر 39 عاماً من حلب، حيث قال إنه تم احتجازه في مركز للشرطة بمدينة قونية التركية لمدة 6 أيام، وهدده ضباط الشرطة بالاختيار بين "السجن مدة شهر أو شهرين أو سنة أو العودة إلى سوريا".

وفي حالة ثانية، روى جون قصة مماثلة، حيث قال إن مسؤولي الهجرة الأتراك أخبروه أنه "إذا طلبت مساعدة محامٍ فسنبقيك 6 أو 7 أشهر بالسجن، وهناك سوف تتعرض للأذى".

كما أوضح أنه تم ترحيله بعد أن قبض عليه خفر السواحل التركي أثناء محاولته الوصول إلى اليونان. وقال إنه بعد وصوله إلى سوريا، احتُجز لمدة أسبوع في إدلب على يد عناصر من فصيل "حياة التحرير الشام" التابع لتنظيم القاعدة، والذي كان يعرف سابقاً باسم "جبهة النصرة". وقال "إن خروجه من هذه الحوادث على قيد الحياة يعد بمثابة معجزة".

الملايين في خطر

من جهتها، قالت باحثة بمنظمة العفو الدولية بشأن حقوق اللاجئين والمهاجرين، آنا شيا، إنه من المثير للدهشة أن "تركيا وروسيا اتفقتا مؤخراً على "عودة آمنة" وطوعية للاجئين إلى "منطقة آمنة" لم يتم تأسيسها بعد".

وتابعت شيا: "لا تعد عمليات العودة حتى الآن آمنة أو طوعية، وبالتالي فإن هناك حالياً ملايين اللاجئين الآخرين من سوريا في خطر"، مضيفة أن "ادعاء تركيا بأن اللاجئين السوريين يختارون العودة مباشرة إلى مناطق النزاع هو أمر خطير وغير أمين. وأظهرت أبحاثنا أن المبعدين تعرضوا للخداع أو تم إجبارهم على العودة".