العدد 4046
الثلاثاء 12 نوفمبر 2019
banner
عباس العماني
عباس العماني
العقوبات البديلة...
الثلاثاء 12 نوفمبر 2019

قلة من دول الشرق الأوسط اتّجهت لتطبيق ما يُعرف عالميًا بـ “العقوبة البديلة”، وهي عقوبة تُطبّق بدلا من العقوبة السالبة للحريّة، أو تخفيفا لها، مقابل إلزام الجاني بأعمالٍ أو تعهّدات محددّة بحسب طبيعة ونوع الجرم.

البحرين واحدة من الدول التي حسمت أمرها قبل سنتين في موضوع تلك العقوبة حين أحالت الحكومة قانونًا شاملًا بهذا الصدد، وبعد أقل من سنتين من تطبيقه، كشف لنا وزير العدل مؤخرًا عن استفادة 1022 محكوما من تلك العقوبة، موجهاً دعوة للشراكة مع القطاع الخاص والعمل على توسيع نطاق التطبيق، وهو توجّه نباركه وندعمه، ونحثّ على الإسراع في خطواته.

هذا العدد، ليس قليلا على بلدٍ صغير كالبحرين، سيما ونحن نتحدّث عن التجربة الأولى لنا في التطبيق، وعن فترة لا تتجاوز السنتين، لكن ورغم ذلك، نعتقد أن هناك إمكانية أكبر لمض اعفة هذا العدد، ليس لمجرّد المضاعفة أو لتسجيل رقمٍ جديد للتباهي الإعلامي، ولكن بغية تحقيق المزيد من أهداف هذا القانون المتطوّر، سيما في ضوء التوجيه الأخير لجلالة الملك في افتتاح دور الانعقاد الجديد للمجلس الوطني الشهر الماضي، حيث وجّه جلالته بضرورة تعاون كل الجهات المعنية لتنفيذ العقوبات البديلة، وقال نصاً إن هذا القانون “يهدف إلى مراعاة ظروف المحكومين بمنحهم سبل استئناف دورهم الإيجابي في المجتمع”.

هذه العبارة تحمل الكثير من المضامين الإنسانية والاجتماعية التي ينبغي ترجمتها من قبل الجهات المعنية بإنفاذ القانون، فجلالته يؤكد أن أحد أهداف القانون هو “منح السجناء الفرصة لممارسة دور إيجابي في المجتمع”.

نقدّر الجهود الكبيرة التي تُبذل من وزارة الداخلية ووزارة العدل لتطبيق هذا القانون المهم، ونتطلع إلى تركيز أكبر للعقوبة الأولى – من أصل 7 عقوبات - والتي نصّ عليها قانون العقوبات البديلة البحريني “العمل في خدمة المجتمع”، وهي العقوبة التي استعاضت بها الكثير من الدول المتقدمة عن “السجن”، وجعلتها في سلّم أولوياتها لما وجدت فيها من منفعةٍ كبيرة وأثر إيجابي بالغ الأهمية حتى في سلوك المحكوم، حيث تعد هذه العقوبة استثمارا حقيقيا للمواهب والإمكانيات، إذا ما قارنّاها بعقوبات أخرى، كالـ “الإقامة الجبرية، السوار الإلكتروني”، وبالتالي منفعة مشتركة وفائدة للدولة والمجتمع والمحكومين على حد سواء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .