العدد 4061
الأربعاء 27 نوفمبر 2019
banner
المثقف العربي “غائب”.. كالعطر المخبأ في عروق البنفسج
الأربعاء 27 نوفمبر 2019

يبدو أن العالم العربي يعيش واقعا أدبيا مجدبا وعقيما، ومازال عدد من الكتاب لا يعرفون أسرار الأشعة وقلوبهم تعتل ومحاطة بالآلام، فقبل أيام قرأت في أحد المواقع الأدبية أن هناك مجموعة من الأدباء والمثقفين منهمكين في مناقشة مسألة ثقافية مهمة طرحتها تطورات الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي، وهي الدعوة إلى تأسيس ثقافة قومية ثورية وأدب قومي ثوري، في مواجهة الآراء والثقافات المضادة للإنسان العربي التي تقف خلفها مؤسسات تناصب الأمة العربية عداء تاريخيا ويتفق الداعون إلى هذا النهج على تحقيق شعار الثقافة القومية الثورية، يعني وضع الثقافة العربية في سياقها الواقعي والحضاري اعتمادا على الفكر العربي المتقدم المستل من التراث وما تقدمه الحياة الجديدة من آفاق أكثر رحابة وإنسانية في نطاق ثقافي.

دعوتهم إلى ثقافة قومية تتضمن الدفاع عن الجديد المتقدم إزاء المحاولات الرثة وغير الأصيلة، وتباشر عملية نقد للواقع الثقافي، بحيث تصبح الثقافة حياة لكل الناس لا امتيازا ولقبا فقط، وإعادة بناء للعلاقة الناقصة القائمة الآن بين المثقف والجمهور.

“ثقافة قومية ثورية”، أضحكتني العبارة ومنحتني وجها قديما يعيش مصيره في منفى الكلمات، فعن أية قومية تتحدثون والأديب العربي أسير لعبة رهيبة واحدة وهي المرور مر الصم على صرخات الألم وحشرجات رهيبة من حلق ملهوف متعثر الأنفاس، الصرخات هي صرخات العالم العربي الذي مزقته التعاسة وصيحات الألم وأدمت الأشواك يديه وشققت نتوءات الصخور قدميه حتى البكاء، وطوال تلك السنين كان الأديب والمثقف العربي بعيدا عن أرض الواقع كالعطر المخبأ في عروق البنفسج. العالم العربي مر بسلسلة من الحوادث وكاد يسقط في الماء ويغرق بينما أنتم يا أصحاب الثقافة القومية الثورية كنتم تلعبون على أوتار الفكاهة والثرثرة في البرامج التلفزيونية التافهة، ومفصولون عن العالم بعواطف مهووسة.

في تصوري الشخصي إن هذه الدعوة تكشف عن لهجة خشنة فيها خيبة وفيها نزعة للانتقام، أكثر من أنها وقفة جادة تعبر عن الشعور المرهف والحس الدقيق الذي يفرح النفس ويسر الروح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .