+A
A-

رئيس حكومة العراق المنتظر.. تخبط في الرؤى يزيد المشهد تعقيدا

بعد قبول استقالة رئيس وزراء العراق عادل عبد المهدي، دخلت البلاد مرحلة البحث عن بديل، وفُتح الباب أمام الكتل النيابية لتسمية خلفه، إلا أن مواقف تلك الكتل ورد الشارع الرافض لأي اسم على الساحة السياسية حاليا، يزيدان من ضبابية المشهد وتعقيدات الوضع.

وحتى الآن، تتولى الحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي، مهام تصريف الأعمال، إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة.

وكانت كتلة "سائرون"، الأكبر في البرلمان العراقي، قد أبلغت رئيس الجمهورية برهم صالح، بتنازلها عن حقها في ترشيح رئيس الوزراء المقبل.

أما رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، فأكد بصفته زعيم كتلة النصر البرلمانية "حرصه على اتخاذ مواقف تقترب من الشعب العراقي"، مؤكدا أنه "لن يكون طرفا في اختيار مرشح لرئاسة الوزراء في هذه المرحلة".

من جانبها، لم تحسم كتلة تحالف الفتح بزعامة هادي العامري موقفها بعد، لكن الكتلة المقربة من إيران شاركت في التصويت على استقالة عبد المهدي. واعتبرت مشاركة الكتلة استجابة لتوجيهات المرجعية الدينية العليا بزعامة علي السيستاني.

الأسماء المطروحة لخلافة عبد المهدي كثيرة، بعضها طرح لاختبار رد فعل الشارع والبعض الآخر لحرق اسمه، أما المعيار الأبرز للمرحلة المقبلة، فيرتبط بحجم تدخل طهران في اختيار الرئيس العتيد للحكومة.

وغالبا ما يخضع السباق الحكومي في العراق لتوافقات ذات بعد طائفي، لكنه هذه المرة يجري على وقع التظاهرات الحاشدة ضد التدخل الإيراني في الشؤون العراقية.

وقال مدير المركز العراقي للتنمية الإعلامية عدنان السراج لـ"سكاي نيوز عربية"، إن مسألة اختيار رئيس جديد للحكومة معقدة للغاية، موضحا: "نحن أمام استحقاقات عديدة، فالكتلة الأكبر هي التي من المفترض أن تختار المرشح، لكن عندما تفشل في ذلك يستطيع رئيس الجمهورية أن يكلف كتلة أخرى بالترشيح، لكن الكتل الأخرى منشغلة الآن في مسائل تتعلق بالترشيحات، إذ لا بد من أن تحظى بموافقة المتظاهرين".

واستطرد قائلا: "يجب أن يوافق المتظاهرون وإلا فإن الترشيح يصبح غير ذي جدوى، وستبقى الأزمة قائمة والعلاقات بين المتظاهرين والمرشح الجديد متأزمة، وبالتالي فإن الكتل تريد مخرجا سياسيا من هذه الأزمة المستعصية".

وأشار السراج إلى أنه "حتى عندما تداولت بعض الكتل أسماء لمرشحين، اكتشفت عدم وجود توافق سياسي بشأنها، فمثلا عندما طرح اسمي محمد شياع السوداني وإبراهيم بحر العلوم لرئاسة الحكومة، فوجئت الكتل بتغريدات نسبت لمقرب من مقتدى الصدر تؤكد أنه لا يقبل بالاثنين".

واعتبر السراج أن مواقف المتظاهرين غير الموحدة قد تزيد المشهد تعقيدا، قائلا: "المتظاهرون لم يجدوا من يمكن أن تول له هذه المهمة، فهم لم يتوافقوا على اسم معين أو على آلية محددة لاختياره. لا بد من أن يحسموا أمرهم وأن يحددوا كيف سيعترضون إذا لم يروا أن المرشح الجديد مناسب".

وعن مواصفات المرشح الجديد لرئاسة الحكومة العراقية، قال مدير المركز العراقي للتنمية الإعلامية: "نحن في أزمة شديدة، لذا يجب أن يكون رئيس الوزراء الجديد قويا وحاسما ومدعوما، إذ ستكون هناك أزمات ومطالبات مختلفة ومسؤوليات كبيرة، مثل تلبية مطالب المتظاهرين بمحاسبة الفاسدين، والاهتمام بالمؤسسة العسكرية، ومحاربة داعش".

ويرى السراج أنه بالرغم من أن مطالب المحتجين كبيرة ولا تتوقف عند إقالة الحكومة، بل تدعو أيضا لحل البرلمان وتغيير الطبقة الحاكمة، فإن اختيار رئيس الوزراء هو "الخطوة الأولى".

وتابع: "إذا تم اختيار رئيس الحكومة والتوافق عليه، فنحن مقبلون بالتأكيد على انتخابات مبكرة، التي ستمهد الجو للجميع في أن يساهم في ترشيح من يروه مناسبا لمجلس النواب. هذه طريقة سليمة وديمقراطية".

طريقان إلى رئاسة الوزراء

وأوضح السراج أن هناك طريقين يمكن سلكهما لاختيار رئيس الحكومة، قائلا: "المادتان 76 و81 من الدستور العراقي واضحتين، إذ توكل مهمة تقديم مرشح لرئاسة الحكومة إلى الكتلة الأكبر، ويعرض الاسم على رئيس الجمهورية ومجلس النواب للتصويت عليه".

واستطرد في الوقت نفسه بالقول: "لكن المعادلة اليوم مختلفة، لأن الجمهور دخل فيها، ولا يمكن أن تهمل هذه الطبقة التي تظاهرت".

أما الطريق الثاني، فقال السراج إنه "إذا توافق الجمهور على شخصية موحدة وصار هناك توافق بين الكتل السياسية بشأنه، يتم طرحه على رئيس الجمهورية، الذي يجب أن يكون قويا ويطرحه على مجلس النواب".

وأوضح أنه إذا فشل أحد المرشحين خلال 15 بتشكيل حكومة، فمن حق رئيس الجمهورية أن يرشح أحد الأشخاص لرئاسة الوزراء، لكن الأزمة الآن تتمثل في الوصول إلى توافق بين الجمهور بمختلف أطيافه، والكتل السياسية داخل مجلس النواب، على حد تعبيره.

"التقرب من إيران"

أما بشأن المسألة الأبرز التي تشغل الشعب العراقي، وهي مدى قرب رئيس الحكومة الجديد أو موالاته لإيران، ومدى إمكانية سماحه لها بالتدخل في الشؤون العراقية الداخلية، كما هو الحال على مدار الأعوام الماضية، قال السراج إنه يجب على رئيس الحكومة الجديد أن يكون "متوازنا".

وأضاف: "مسألة إيران معقدة، فمن يأتي إلى الرئاسة يجب أن يكون متوازنا في علاقاته الخارجية بين إيران والدول الأخرى، فلا يمكنه أن يعادي جهة على حساب الأخرى".

واستطرد قائلا: "على رئيس الحكومة المقبل، على الأقل، أن يمسك العصا من الوسط، لكن السؤال الآن هو، هل سيقبل الجمهور أن يمسك العصا من الوسط؟".