العدد 4068
الأربعاء 04 ديسمبر 2019
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
الفقر وحد الشعوب
الأربعاء 04 ديسمبر 2019

المواجهة قادمة، فمظاهر تفكك الثقة في المحور الإيراني وصلت إلى الصفر، والاحتقان النفسي والمزاجي تبدل وأصبح صوت العقل مغيباً والأمور لم تعد بيد الطبقات السياسية أو الأحزاب أو الأنظمة، ولا حتى الدول الكبرى.

في الحرب العالمية الثانية ولدى قيام اليابان بضربة قاتلة للأسطول الأميركي في بيرل هاربر وعلى اثرها دمر أسطول الولايات المتحدة الحربي، خرج وزير الدفاع الياباني فزعا وقال لقد أيقظنا وحشاً كان نائماً، وعندما غزت ألمانيا النازية في ذات الحرب أبواب موسكو علق تشرشل رئيس وزراء بريطانيا قائلاً لقد كتب هتلر هزيمته في هذا اليوم فقد أيقظ الجيش الأحمر النائم، والذي يعرف تكوين وولاء وعقائدية الجيش الأحمر السوفيتي أدرك أن ألمانيا ارتكبت غلطتها التاريخية.

اليوم وفي ظل الأزمة والتصعيد والاحتقان وضبط النفس الذي يكاد ينفد أصبح هناك من يتوقع استيقاظ المارد والوحش ألا وهو الشعوب المحكومة بالجوع والفقر ونقص الكهرباء وانعدام الخبز، وغلاء النفط، لقد وحد الفقر هذه الشعوب من وهم الإسلام السياسي الذي تقوده إيران وغيرها، وأصبح المواطن سنيا أو شيعيا، مسيحيا أو درزيا، همه الآن الحياة المعيشية، لا خدعة المقاومة والممانعة، لقد انفجر الشارع في العراق ولبنان وإيران، وأية دولة أخرى طالما انعدمت لقمة العيش وانقطعت الكهرباء والماء طوال اليوم، وأصبح سعر الوقود أغلى من سعر الذهب. اليوم ومن دون أدنى شك على من يتحكم في لعبة الدومينو ولعبة السياسة أن يتوقف عند هذا الحد الذي بلغته ثورة الشعوب المحكومة من قبل إيران التي أفقرت هذه الدول بحجة المقاومة، والولي الفقيه.

أستغرب من هذا التمادي ومن هذه الحسابات التي تسقط واحدة تلو الأخرى ومن هذا الغرور السياسي الذي لا معنى له، ولابد للدول أن تسمع الهاجس والتململ والغليان النفسي والمزاج في الشارع الذي لم تكن الطبقات السياسية في هذه الدول تتوقع هذا الانفجار، لأنها قد استكانت في اعتقادها لتخدير الشعوب بكذبة سياسية ودينية.

اليوم عندما نتأمل المنطقة بعد التحولات الدراماتيكية التي عصفت بها والمتمثلة في تحجيم العراق وتدمير قوته الاقتصادية والعسكرية وفي ظل التهديد بإحراز القنبلة النووية الإيرانية وشبح الفقر والجوع الذي يطارد هذه الدول، يبرز السؤال الذي قد تندم عليه أميركا اليوم على ما فعلته بالمنطقة، حيث دمرت العراق وقَوَت شوكة إيران وهي من تسببت في هذه الفوضى كلها.

كل ما جرى حتى الآن كان وراءه الأميركان ونتمنى أخيرا لو يرفعوا يدهم ويتركوا الشعوب تقرر وحدها فهل تفعل؟ ليست أميركا التي نعرفها إذا فعلت ذلك؟.

 

تنويرة:

ليس كل ما تملكه تستطيع السيطرة عليه!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .