العدد 4075
الأربعاء 11 ديسمبر 2019
banner
تظاهرات إيران... جامعة
الأربعاء 11 ديسمبر 2019

لم نكن بحاجة للمقال الذي نشرته مجلة “فورين أفيرز” مؤخرا لنعلم أن انتفاضة الشعب الإيراني لم تكن ردًا على قرار الحكومة برفع أسعار البنزين، الذي فجر فقط ما بكامن الشعب الإيراني من استياء وغضب على أمور سياسية واقتصادية واجتماعية بل حتى دينية.

لكن قيمة وأهمية مقال فورين أفيرز أنه غاص ميدانيًا في بلد منغلق يقمع الرأي والتعبير ويقيد استعمال الإنترنت، وقدم دراسة تحليلية لخريطة التظاهرات، وفند مزاعم طهران بأن هناك مؤامرة ضد الجمهورية الإسلامية، حيث خلص المقال إلى أن المشكلات الاقتصادية لم تكن إلا الشرارة التي أشعلت المظاهرات التي ما إن اندلعت حتى عم الاستياء الذي يعكس تآكلا واضحا في الدعم الشعبي للنظام الحاكم.

الدليل الذي استند إليه المقال هو أن المناطق التي احتجت على ارتفاع أسعار البنزين لم تكن هي الأفقر في إيران، بل كانت المستفيد الأكبر من برامج التنمية والأكثر تطورا في إيران، ليؤكد المقال أن المتظاهرين يقومون بعقاب الرئيس الإيراني حسن روحاني لعدم تنفيذ وعوده الانتخابية ومن أهمها الإصلاحات السياسية وتحسين الوضع الاقتصادي الإيراني.

وردًا على المسؤولين الإيرانيين الذين وصفوا المتظاهرين بأنهم بلطجية، أكدت الفورين أفيرز أن إيران نفسها هي من أخرجت هؤلاء المواطنين للتظاهر ضدها بمساعيها لحرمانهم والإمعان في الإجراءات التي تزيد من فقرهم وتغلق أبواب الحرية أمامهم، لافتة إلى أن التظاهرات وإن كان يغلب عليها الطابع الشبابي المتعلم، إلا أنها كانت جامعة لجميع الشعب الإيراني سواء كانوا ممن دعموا النظام في انتخابات الرئاسة عام 2017م أو كانوا من الممتنعين عن التصويت، وهذا أقصى إجراء يمكن فعله في ظل بلد لا يسمح بالحريات فيولد الخوف من إظهار المعارضة والاكتفاء بالامتناع عن التصويت كأسلوب آمن للتعبير عن رفض النظام وسياساته.

وإذا كان النظام يتخذ إجراءات قمعية وممارسات وحشية ضد المتظاهرين، فإن فورين أفيرز تتوقع أن يزيد هذا القمع من تكاتف ووحدة المتظاهرين وليس تفريقهم أو القضاء على حراكهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .