العدد 4085
السبت 21 ديسمبر 2019
banner
ما بعد الانتفاضات الثلاث في العراق ولبنان وإيران
السبت 21 ديسمبر 2019

من دون أدنى شك، فإن الانتفاضات الشعبية الثلاث في العراق ولبنان وإيران والمتزامنة معا في آن واحد، كانت أكبر ضربة سياسية ـ فكرية ـ أمنية تلقاها نظام الملالي منذ تأسيسه، إذ إن هذه الانتفاضات كانت بمثابة أكبر عملية تصويت جرت بين شعوب معنية بنظرية ولاية الفقيه، حيث أعلنت هذه الشعوب رفضها القاطع لهذه النظرية وسعيها من أجل إقامة نظام سياسي خارج سطوة وتأثير هذه النظرية التي تعتمد على أفكار وقيم أكل عليها الدهر وشرب.

نظام الملالي الذي يطبل طوال أكثر من 40 عاما لنظرية ولاية الفقيه ويصور كذبا ودجلا أنها تشكل النظام السياسي ـ الفكري ـ الاجتماعي ـ الاقتصادي الأفضل للعالمين العربي والإسلامي، في حين أن الشعب الإيراني يعاني أوضاعا بالغة السوء طوال تلك الأعوام ويكفي أن نشير إلى أن الشعب الإيراني قام بثلاث انتفاضات منذ قيام هذا النظام وهو ما يثبت عدم تقبله هذا النظام ورفضه القاطع له، لكن الأمر الملفت للنظر، أن نظام الملالي المعروف بخبرته وولعه بالكذب والخداع والتضليل وقلب الحقائق، كان يوحي دائما للشعب الإيراني بأن نظرية ولاية الفقيه تلقى صدى وقبولا وترحيبا كبيرا وواسعا من جانب شعوب العالمين العربي والإسلامي، بل حتى ان النظام هدد الشعب الإيراني بأذرعه العميلة في العراق ولبنان في حال السعي لإسقاطه، ولكن جاءت انتفاضة الشعبين العراقي واللبناني لتلقم نظام الفاشية الدينية حجرا وتفضح كذبه وخداعه وكيف أن الشعبين العراقي واللبناني يرفضان نظام ولاية الفقيه وأذرعه العميلة، وهو الأمر الذي جعل النظام يصاب بحالة غير مسبوقة من الهستيريا تجلت في الأساليب البربرية التي استخدمها لقمع الشعب الإيراني والتي تجاوزت الأساليب السابقة وتمادت في قسوتها وعنفها وإجرامها البالغ.

مع أن الفترة الحالية حيث هذه الانتفاضات الثلاث مندلعة بوجه النظام هي الأسوأ منذ تأسيسه، لكن الفترة التي ستلي هذه الانتفاضات ستكون الأسوأ بكثير، إذ إن الأوضاع والظروف ستطرأ عليها الكثير من التغييرات، والعالم كله انتبه جيدا إلى كذب مزاعم نظام الملالي بشأن أن العراقيين واللبنانيين يؤيدونه ويقفون معه قلبا وقالبا، ومن دون شك فإن الموقف الدولي سيتغير تبعا لذلك وسيجد هذا النظام المزيد من العقبات والعراقيل بوجهه، ومن دون شك فإنه إذا ما كانت الفترة الحالية لاندلاع هذه الانتفاضات يمكن اعتبارها فترة الموت السريري لنظرية ولاية الفقيه، فإن فترة ما بعد الانتفاضات الثلاث يمكن اعتبارها فترة تقبير هذه النظرية ورميها في مزبلة التاريخ. “الحوار”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .