العدد 4086
الأحد 22 ديسمبر 2019
banner
حكاية المتقاعد و “طيور الحمام”
الأحد 22 ديسمبر 2019

بعد قضائي صلاة ظهر يوم الجمعة الماضية بقلالي وأثناء عبوري بالقرب من إحدى الساحات الكبيرة الفضاء القريبة، رأيت لوحة ربانية لا مثيل لها، فعلاوة على الطقس الجميل ساعتها، تغطت هذه الساحة المفتوحة بكميات كبيرة جدًا من طيور الحمام وهي تتناول بقايا الرز، وفتات الخبز، التي تُركت لأجلها.

وبلفتة من الصديق الذي كان يصاحبني، قال وهو يتأمل المشهد “هنالك جمع من أهالي قلالي، يعرجون يوميًا على هذه الساحة، بعد صلاة الفجر؛ لترك الطعام للطيور، التي لا تترك منها شيئًا بفضل من الله، هؤلاء السعاة للخير، هم أنموذج لشعب البحرين الطيب، والذي يستشهد به دائمًا بدماثة خلقه”.

ويزيد “كانت الطيور التي تتوافد للساحة في البدايات لا تتعدى العشرات فقط، لكني أؤكد لك أنها تتجاوز الآن ألفي طير على الأقل، تأكل من بقايا طعام، ترمى - بحكم العادة - من الناس في مكب النفايات، دون أن يستفاد منها”.

هذه الواقعة الجميلة، ذكرتني بواقعة أخرى، حين كنت أقطن في مدينة عيسى العام 2008، إذ كانت هنالك ساحة قريبة من مقر سكني، تعج بالطيور بعد صلاة الفجر يوميًا بمشهد مشابه لهذا، إذ كان يترك لها الطعام رجل مُسن ومتقاعد ومحبوب بالحي.

وفي أحد الأيام، توقفت الطيور عن التوافد للساحة بشكل لفت انتباهي، وحين سألت عن السبب، قيل لي بأن هذا الرجل قد توفي، بعدها بأيام قليلة، بدأ أهالي الحي باستكمال مسيرته الخيرة هذه، ومعها بدأت الطيور بالعودة للساحة من جديد.

وما بين هذه الحكايات الجميلة والتي تقدم لنا نماذج إنسانية تجعلنا نشعر بالضعف، وبالتقصير، وبالوهن، وربما الخجل، من تأخرنا في أن نفعل مثلها وربما أفضل، هنالك - بالمُقابل - مخلوقات بشرية قلوبها مغطاه بــ “الران” الأسود، ديدنها الأول قطع الأرزاق، وهدم الأسر، واللهث لإزالة نعمة الغير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .