العدد 4086
الأحد 22 ديسمبر 2019
banner
التضامن الإنساني
الأحد 22 ديسمبر 2019

التضامن الإنساني يعني اعترافنا جميعا بأننا بشر ونعيش كوحدة متكاملة على هذه الأرض التي دمرها جشع الإنسان وطمعه وعدم احترامه الآخر، فعالمنا اليوم هو عالم الحروب والفقر والجوع ومحاربة الآخر عرقًا ودينًا ومذهبًا، عالم يبحث فيه الإنسان عن أرضٍ تؤويه بعيدًا عن أزيز الرصاص، وبحثًا عن الكرامة واللقمة التي فقدها في بلاده، إنه عالم اختفى فيه التضامن الإنساني.

لماذا نحتاج إلى التضامن؟ وما أهميته؟ الإنسان يحتاج إلى التضامن لكي يستطيع أن يعيش مع ذاته ومع الآخر في إطار التنوع الإنساني، فالله تعالى خلقنا لكي نعيش معًا، نعمل لنا وللآخر في دائرة التعاون (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)، وذلك في إطار الكرامة الآدمية والأخوة الإنسانية، من أجل أن نُعمر الأرض، وهي إرادة إلهية مليئة بالحكمة والموعظة تستحق التأمل لمعرفة معانيها وأهدافها. نحن نحتاج إلى التضامن الإنساني لأن التنوع الإنساني اختلاف إيجابي يثري الحياة ويزيد من عطائها، ويغرس التآلف ويؤسس البناء ويُحقق الخير والصلاح لجميع البشر، ويُعزز من نشر ثقافة احترام الآخرين والاعتراف بحقوقهم.

ومع هذه الجهود الأممية للأمم المتحدة إلا أن عالمنا الأرضي لا يزال يعيش في خضم الحروب البشرية والكوارث الطبيعية والتراجعات الاقتصادية، ومازالت الأهداف الإنمائية للألفية بعيدة عن التطبيق، وتتسع جغرافية الفقر وتتفشى الأمراض والأوبئة والجريمة، وتنتشر المشاعر السلبية تجاه الآخرين في الكثير من دول العالم، وتعرقل الكثير من مبادرات تحقيق السلام وإيقاف الحروب بين الدول التي لم تحترم التزاماتها في الاتفاقيات الدولية الداعية لنشر السلام وحماية الإنسان.

ولأجل نشر ثقافة التعارف بين الأمم والاعتراف بأهمية الآخرين وآلامهم ولرفع مستوى الوعي بأهمية الإنسان وتحسين أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية أقرت الأمم المتحدة يومًا للتضامن الإنساني من أجل أن يستفيد الجميع من منجزات العالم ومنتجاته الغذائية والدوائية ومن كُل سُبل الحياة الكريمة، ومن أجل تقليل التفاوت بين البشر ورفع روح المشاركة الإنسانية بينهم، ومن أجل تعزيز قيم التسامح وتعزيز السلام وتجسيدًا لمبادئ حقوق الإنسان.

إن إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يومًا عالميًا للتضامن الإنساني يُمثل قيمة أخلاقية أساسية في العلاقات بين الشعوب ودولها، فهو الكفيل بردم جزء كبير من الهوة التي تفصل بين البشر والدول، ويُحقق الإخاء بين البشر والتعاون بين الدول بما يؤدي إلى الاستمرار في أداء الدور الإيجابي للإنسان على هذه الأرض.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .