العدد 4095
الثلاثاء 31 ديسمبر 2019
banner
فلسفة الامتحان
الثلاثاء 31 ديسمبر 2019

أعادني ما نشرته “البلاد” مؤخرا عن صعوبة امتحان اللغة الإنجليزية لطلاب الصفين الثالث والثاني الثانوي إلى سنوات بعيدة حين كنت طالبًا بهذه المرحلة التي تعد فاصلة ومصيرية في تحديد مستقبل الطلبة. كنا على علم ويقين بأن المدرس المتمكن الواثق من نفسه لا يدخل أبدا في منافسة مع الطلبة بتعمد تعجيزهم وتحويل الامتحان إلى حقل ألغاز وألغام لا تتناسب مطلقا مع المرحلة السنية، خصصا أن أي مدرس لن يعجز عن تحقيق ذلك بأية وسيلة كانت سواء من خلال ما يمتكله هو من معرفة تفوق كثيرًا بطبيعة الحال ما لدى حتى أكثر الطلاب نبوغا واجتهادا، أو من خلال اللجوء إلى الوسيلة الأسهل بنقل الامتحان من مصادر وأماكن أخرى في سلوك يتنافى تماما مع ما يفترض تعليمه للطلاب من عدم الغش والاعتماد على النفس.

كما كنا نعلم أيضًا أن القصد والغاية النهائية من الامتحان التقييم الموضوعي للطلاب وإعطاء كل ذي حق حقه، وكان المقياس الأساسي للحكم على سلامة الامتحان أن يخرج الجميع مرتاحين وبدون أية منغصات، لأن الامتحان استطاع أن يميز بين مستويات الطلاب باقتدار، واكتشف المتفوق أن هناك بعض الأسئلة التي تمكن هو دون غيره من حلها وستحفزه بالتالي على مواصلة جده واجتهاده لتحقيق طموحه.

الطالب ذو المستوى المتوسط أيضًا يخرج راضيًا عن أدائه الذي يكفل له النجاح في الامتحان بما يتناسب مع مستواه وإمكاناته، وكذلك الحال مع الطالب ضعيف المستوى، لهذا يمر الامتحان بسلاسة دون ضجة أو إثارة أو تظلم أو شكاوى جماعية، فيكون ذلك تعبيرًا ودليلا على نجاح واضع الامتحان وقدرته على ضبط امتحانه بميزان عادل بين مستويات الطلبة.

لكن دائمًا وكما يحدث في أي مجال هناك من يحب الظهور وأن يكون في دائرة الضوء حتى إن سلك طريقًا مخالفًا وسلبيًا يضر ويؤذي الآخرين، ظنًا من هؤلاء أن هذا الأمر يعكس تميزهم وقدرتهم رغم أنه يقدم صورة جلية عن ابتعادهم عن الوسط الذي يعيشون فيه وعدم قدرتهم على التقييم أو التمييز الصحيح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .