العدد 4098
الجمعة 03 يناير 2020
banner
كؤوس الهزائم
الجمعة 03 يناير 2020

لفتت انتفاضة 15 تشرين الثاني 2019، وما نجم عنها من آثار وتداعيات متباينة على نظام الملالي، أنظار الأوساط السياسية والإعلامية في العالم، لأنها الانتفاضة الأولى من نوعها التي تصيب النظام بحالة من الذهول غير المسبوق للسرعة الفائقة في امتدادها وتوسعها داخليا وللأصداء الكبيرة التي تركتها على الصعيد الدولي، خصوصا بعد أن أصبحت منظمة مجاهدي خلق - والمقاومة الإيرانية - مصدرا أساسيا للمعلومات بخصوص ما جرى ويجري داخل إيڕان فيما يتعلق بهذه الانتفاضة.

في الفترة التي سبقت الانتفاضة، كان النظام يعيش حالة ترقب قاتلة وكانت أجهزته الأمنية في حالة من التأهب والاستنفار، بل إن قادة النظام نفسهم كانوا يحذرون من اندلاع الانتفاضة في أية لحظة ويعلنون عن تخوفهم من أن تأخذ منظمة مجاهدي خلق زمام المبادرة فيها، لكن الذي لفت النظر كثيرا هو أنه وعلى الرغم من كل تلك الاحتياطات الأمنية وعلى الرغم من توقع النظام الانتفاضة ضده، لكنه مع ذلك أصابه ذهول صاعق لعدة أسباب أهمها أن انتفاضة 15 تشرين الثاني 2019، كانت حصيلة التراكم الكمي للاحتجاجات الشعبية ونشاطات معاقل الانتفاضة لأنصار مجاهدي خلق ومجالس المقاومة وتوحدها في اتجاه وسياق واحد ضد النظام. سبب آخر أن انتفاضة 28 كانون الأول 2017، انتشرت وامتدت وخلال أسبوعين إلى ما يقارب 160 مدينة، لكن انتفاضة 15 تشرين الثاني 2019، امتدت وانتشرت إلى 191 مدينة خلال الأيام الأولى للانتفاضة. أيضا عدم تمكن الملا خامنئي من التزام الصمت كما حدث في الثلاثة عشر يوما، بل بادر للظهور منذ الأيام الأولى وأطلق تصريحات هستيرية ضد المنتفضين.

ومن الأسباب أيضا: الانتفاضة كانت ذات توجه سياسي ـ فكري واضح المعالم يهدف إلى إسقاط النظام وإحداث تغيير جذري في الأوضاع في إيران، والمجتمع الدولي رحب منذ البداية بالانتفاضة ورأى فيها تطورا طبيعيا ومنطقيا لحكم قمعي استبدادي لأكثر من 40 عاما، ولجأ النظام إلى أبشع الأساليب والطرق في عملية مواجهته وقمعه الانتفاضة وهو أمر أثار غضبا واستياء دوليا واسع النطاق.

من هنا، فإن الملا خامنئي وبعد كل تلك الجرائم والمجازر التي قام بها ضد الشعب الإيراني أثناء الانتفاضة، فإنه لم يهنأ ولم يشعر بالطمأنينة لحد الآن، بل إن خوفه وذعره زاد أكثر من أي وقت آخر، إذ إنه صار يرى أن موقف الشعب الإيراني لا يزال كما هو ضد النظام ومعنوياته ارتفعت أكثر من أي وقت آخر والأهم من ذلك أن المطلب الأساسي للشعب الإيراني قد تحدد في إسقاط النظام، ولا يرضى بأي بديل عن ذلك، فيما يقف الملا خامنئي حائرا محبطا وهو يتجرع كؤوس هزائم نظامه. “الحوار”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية