العدد 4114
الأحد 19 يناير 2020
banner
علي الغرير... كيف أتعامل مع حزن فراقك يا صديق العمر؟
الأحد 19 يناير 2020

إشفاقا على نفسي وخوفا عليها من الجنون، والسقوط النهائي في مقابر اليأس رحت أضحك وأضحك حين قرأت خبر وفاتك في وسائل التواصل الاجتماعي، وأنا بعيد عنك في مهمة عمل خارج البحرين، عشت الفجيعة وشربت الحزن كله في كل لحظة وأنا كما عهدتني لا أعرف التعامل مع الأحزان مثل بقية البشر، فكيف لي أن أتعامل مع حزن فراقك يا صديق العمر ورفيق الدرب. كيف حدث هذا.. لماذا يموت علي الغرير، الفنان الذي يحمل باقات من الأفراح إلى الأطفال والكبار ورسم أكبر خارطة من الابتسامة على وجوه كل الناس.

ظهيرة يوم الأحد، تبعثرت حياتي بين حدائق الجفاف، ولم أستطع البقاء لثانية واحدة خارج البحرين دون أن أودعك، ولكنه وداع من نوع آخر، فحزمت حقائبي وكانت أطول رحلة في حياتي، ففترة الساعتين والنصف تحولت إلى مئة عام، وحاصرتني حينها الذكريات ووددت أن أبكي على صدر الصديق خالد الرويعي الذي عاد لنفس السبب، تذكرت مواعيدنا البريئة والساذجة أيام الدراسة، ومحاولتك إقناعي بالتمثيل، تذكرت طريقة نومك في غرفتي وكأنني مازلت أشم رائحة صمتك وأحلامك، تذكرت والحزن يرقص بين يدي “مشاويرنا ومغامراتنا” بسيارتك في شوارع مدينة عيسى، تذكرت وآلام البشرية كلها في صدري وقفتك على خشبة نادي مدينة عيسى لعمل البروفات وأنا أنتظرك لنخرج بعدها، تذكرت سفراتنا العائلية السنوية وتعلقك بأبنائي وصوتك الذي لا يزال يرن في مسامعي “حمود، فجور قعدوا”.

 

كان عزاؤك مهيبا يليق ببطل مثلك، طوفان من أهل البحرين والخليج والعرب جاءوا يودعونك، آهات وزفرات الملايين عبرت عن عمق المصيبة وهول الفاجعة، توقف القلب الكبير والحنون عن النبض، أحقا مات الفنان والإنسان علي الغرير؟ صدمة لا يمكن أن نجد الأعصاب التي تتحملها، لكن رغم بكائي بحرقة احتضنت ابنك وابني “خالد” وقلت له، لا يجب أن تحزن، بل افتخر بأبيك الذي سيكون عنوانا للمجد والخلود، فعلي الغرير باق كالفرحة الأزلية، كبشارة الولادة الأولى، فأبوك الرائع صنع تاريخا لم يصنع مثله من قبل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .