العدد 4125
الخميس 30 يناير 2020
banner
إيران ومعارك الكونجرس الأميركي (2)
الخميس 30 يناير 2020

مسألة تقييد صلاحيات الرئيس الأميركي على الصعيد العسكري من جانب الكونجرس من ضمن الأمور التي تمثل مجالاً للنقاش، فالدستور الأميركي يمنح الرئيس صلاحية إصدار أمر بالقيام بعمل عسكري على أراضي دول أخرى ولكن من دون أن يصل الأمر إلى حد إعلان الحرب، الذي يملكه الكونجرس بمفرده، وحدد الدستور مدى زمنيا لهذه العمليات بحدود 60 يوماً قابلة للزيادة عند الضرورة إلى 30 يوماً أخرى، على أن يقدم الرئيس تقريراً للكونجرس يوضح فيه مبررات كافية لاتخاذ هذا القرار.

الشواهد تؤكد أن الرؤساء الأميركيين يستخدمون عادة صلاحياتهم في توجيه ضربات عسكرية محدودة من دون موافقة مسبقة من الكونجرس، ونتذكر جميعاً على المدى القريب الكثير من هذه الوقائع، التي كانت موضع إجماع أميركي، فلا يكاد يوجد رئيس أميركي في العقدين الأخيرين لم يأمر بالقيام بعمل عسكري من دون موافقة مسبقة من الكونجرس، وبالتالي فالمسألة ليست عابرة ولا طارئة في الساحة الأميركية. ورغم ما يثار بشأن مخاوف الديمقراطيين من توسع الصراع مع إيران وانتقاله إلى حرب فعلية، فإن هناك أيضاً من الشواهد ما يؤكد رغبتهم في تقييد سلطات الرئيس ترامب قدر الإمكان كي لا يحقق أي انتصار في سياسته الخارجية بما يرجح كفته بقوة في صراع الفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات نوفمبر المقبل.

نقاشات الكونجرس في هذا الموضوع لن تعرقل على الأرجح إدارة الرئيس ترامب الأزمة مع إيران، لأنه لا ينوي بأي حال إعلان حرب ضد الملالي، ويستغل فقط سلطاته الدستورية في توجيه القوات المسلحة الأميركية باعتباره قائداً عاماً لها، ومن صلاحياته الأمر بتنفيذ عمل عسكري محدود، علاوة على أن المدى الزمني المتاح للرئيس في استخدام القوة العسكرية بشكل محدود وإبقاء الجنود الأميركيين خارج البلاد، أي فترة الشهرين القابلة للزيادة لشهر ثالث، كافية جداً لردع أي تهديد خارجي يعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر في ظل الرهان الحصري على استراتيجية الضربات الصاروخية المحدودة اعتماداً على التفوق العسكري الأميركي الكبير في مواجهة الخصوم الاستراتيجيين، وكل ما يمكن للكونجرس القيام به في هذا الشأن هو رفض أي طلب لتمويل العمليات العسكرية الإضافية، وتبقى للرئيس صلاحيات وسلطات واسعة في تقدير مدى تعرض مصالح الولايات المتحدة للتهديد من جانب قوى أجنبية، حيث يتعين عليه اتخاذ قرار الرد العسكري مع الاكتفاء بإخطار الكونجرس، الذي يقول الرئيس ترامب إنه لا يمكنه إبلاغه بالقرارات بشكل مسبق نظراً لفقدان الثقة بينه وبين الديمقراطيين في مجلس النواب تحديداً.

الخلاصة أن الرئيس ترامب لا يحتاج على الأرجح إلى تفويض من الكونجرس للرد على أي تهديد إيراني محتمل خلال الفترة المتبقية من ولايته الرئاسية الأولى، ويبقى الموضوع مجالاً للسجال السياسي الداخلي الأميركي من دون تأثير حقيقي على فاعلية استخدام الرئيس القوة العسكرية الأميركية في الوقت الراهن. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية