العدد 4131
الأربعاء 05 فبراير 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
بداية ونهاية الدولة العثمانية الجديدة
الأربعاء 05 فبراير 2020

الدولة العثمانية، عاشت أيامها الأخيرة، رثة، ضائعة، ممزقة، فتتتها الدول المحيطة بها بعدما كانت هي من تتحكم بالدول وتغزوها وتحتلها باسم الإسلام، وتحت هذا الادعاء نصب العثمانيون المشانق لأحرار الشام وجبل لبنان وكل أرض غزوها، وكان يخيل لهم أن سلطنتهم لن تغيب عنها الشمس، فعاثوا فسادًا في البلاد والعباد، حتى يئس نفر من أبناء السلطنة العثمانية بقيادة رجل حر متفتح الذهن مطلع على العالم، لم تغش عيناه عظمة التاج الكارتوني الذي كان يضعه السلطان العثماني حينذاك فخرج في ثورة أطاحت بالدولة العثمانية وأقيمت دولة حضارية شهد لها العالم بالنهضة والحضارة على أنقاض السلطنة العجوز التي قبرت، هذه هي الحقيقة التاريخية التي يعرفها حتى تلاميذ المرحلة الابتدائية وقد درسناها بالمدارس مذ كنا أطفالا.

اليوم وبعد مرور عقود طويلة وبعد كل المراحل والحقب التي قطعتها هذه الدولة التي كانت علاقتها بالجميع طبيعية، برز حزب إسلامي بدأ تدريجيًا السيطرة على مفاصل الدولة، وبرز زعيم يدعى أردوغان حلم بأنه يضع تاج السلطان عبدالحميد على رأسه، فجأة نهض وبدأ بتنفيذ حلمه وراح يغزو سوريا وليبيا وشمال العراق ويتدخل في كل الدول ويتحالف ضد العرب وقضاياهم، وبدأ يعيد ترسيم حدود دولته على حساب مصالح الدول الأخرى، وراح ينافس إيران في أحلامه التوسعية، وهو بالتأكيد هنا لم يقرأ تاريخ بلاده العثمانية وإلا ما ركب هذه الموجة التي ركبها من قبله سلاطين الدولة العثمانية التي انهارت شر انهيار. ولو قرأ هذا التاريخ لا أظن أنه سيسير على ذات المنوال الذي فجأة ظهر مؤخرًا وصرح بأنه سيعيد مجد السلطان عبدالحميد، ولو كان يقرأ أو قرأ حقاً تاريخ السلطان عبدالحميد هل وجدناه يتخذ طريقه وهو طريق النهاية؟

مشكلة أردوغان اليوم ليست فقط مع العالم من حوله، حيث دخل في صراع مع العرب ومع حلفائه الأوروبيين، مشكلته حتى مع شعبه الذي بدأ يتمرد عليه وفقد بداية إسطنبول وفي طريقه للنهاية ومع ذلك مازال يحلم بصولجان السلاطين العثمانيين الذين كانوا رمزا للتخلف حتى لفظهم التاريخ وأصبحوا نقطة سوداء في الكرة الأرضية بعدما اتضح ما ارتكبوه في حق الأرمن وها هي فرنسا تحاكمهم على تلك الجرائم.

إلى أين يقود العثمانيون القدماء الجدد دولة تركيا العلمانية؟ وما حدود أردوغان وأين سينتهي به الحلم العثماني؟ قد يكون الفخ الليبي هو النهاية، أو يستمر لسنتين أو ثلاث حتى يكبر الفخ ويصبح الكمين الذي نصبه الأوروبيون وغيرهم قاتلا ويشهد نهاية حلم الدولة العثمانية الثانية.

 

تنويرة:

متعة الحياة في تذوقها وليس في اِزدِرائها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .