العدد 4134
السبت 08 فبراير 2020
banner
مستقبل المقاطعة العالمية لإسرائيل
السبت 08 فبراير 2020

منذ مطلع العقد الحالي نزلت على العرب هبة من السماء تعوض شيئاً من تفريطهم في معظم أوراق وأسلحة الضغط على إسرائيل التي يمتلكونها بدون الحاجة للدخول معها في حرب عسكرية نظامية مادام ميزان القوى العسكري والاقتصادي، وحتى السياسي، مختلا في الظروف الراهنة لصالح إسرائيل، ومن هذه الأسلحة التي مازلنا نفرط فيها على استحياء سلاح المقاطعة أو قطع العلاقات معها في جميع المجالات، هذه الهبة تتمثل في بروز سلاح اقتصادي عالمي ضد إسرائيل، وتحديداً الاقتصاد المرتبط بالمستوطنات التي أدانتها قرارات الشرعية الدولية والمعروف بـ BDS، والمخجل أن بروزه جاء في ذروة تنامي اختراقات جدار المقاطعة العربي الذي لم يصمد تاريخيا إلا ثلاثة عقود (1948 - 1978).

وتشير المعطيات إلى أنه حتى أواسط العقد الحالي (تحديداً عام 2014) الموشك على الأفول انخفضت نسبة الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الإسرائيلي 46 % مقارنة بالعام الذي سبقه، وأخذت إسرائيل تخسر أكثر من مليار دولار سنوياً منذ أواسط العقد الأول بسبب ضغط المقاطعة العالمية على الشركات الغربية العاملة في البنى التحتية للاستيطان لسحب مشاريعها، لكن ومنذ وصول الرئيس الأميركي ترامب للبيت الأبيض قبل ثلاث سنوات تتكاثف الضغوط الإسرائيلية بالدعم الأميركي على الشركات التي تستجيب لحركة المقاطعة العالمية لاقتصاد المستوطنات الإسرائيلي بغية كسر وإفشال هذه الحركة، وتحول دون تقديم أسماء اللائحة السوداء للشركات العالمية التي تستثمر في المستوطنات المحظورة بموجب القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهذا ما حدث عشية انعقاد المؤتمر الأخير لانعقاد مجلس حقوق الإنسان في نوفمبر الماضي.

بيد أن هذه الحركة العالمية المباركة لمقاطعة اقتصاد المستوطنات الإسرائيلي بعد تغوّل الاستيطان في أراضي 1967 المحتلة بصورة خطيرة لا سابق لها منذ احتلالها في ذلك العام بالتوازي مع القمع الوحشي من قِبل الاحتلال المتصاعد لكسر إرادة الشعب الفلسطيني عن النضال لاستعادة حقوقه المشروعة المقرة دولياً والعدوان المتكرر على غزة... نقول هذه الحركة معرضة للانتكاسة فالإجهاض، ما لم تكن مسنودة عربياً على مختلف المستويات الشعبية والرسمية تماماً مثلها في ذلك مثل المحاولات المحمومة الإسرائيلية لإفشال الحركة التي تجري بدعم قوي أميركي.

وإذا كان أول الغيث قطرة فغني عن القول إن أول الغيث عربياً في هذه المهمة إعادة الاعتبار الجاد وصادق النوايا للتضامن العربي وصولا لإعادة الاعتبار لسلاح المقاطعة العربية لإسرائيل وتفعيله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .