العدد 4138
الأربعاء 12 فبراير 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
الناس.. الشتاء
الأربعاء 12 فبراير 2020

الأجواء جميلة هذه الأيام بمنظر الغيوم التي تنذر بالأمطار من حينٍ لآخر والسماء الهادئة والمشعة بضوء خفيف تجعلنا ننتظر الأمطار التي تشبه انتظار جودو في المسرحية الفرنسية الشهيرة التي ترمز إلى الآتي ولا يأتي، ففي كل مرة ننتظر أن تتحول الأمطار إلى رعود، لكن السماء تماطل في إشعارنا بأن الشتاء حلّ مثلما هو جار في الشتوية التي تعيش الثلوج والصقيع وأخبار التزلج، ما يعطي للعام الجديد نكهة، ومع انتظار الآتي ولا يأتي! لكن لا يمنع ذلك الاستمتاع بكمية البرد هذه الأيام والشعور بالتغيير لنمنح أنفسنا نكهة من طعم الشتاء الذي يغسل بعض مشاعر التجمد التي حبستها حرارة الصيف الطويل وفواتير الكهرباء المرتفعة.

الشتاء وقد أوشك على بدء العد العكسي وما فتئ يبخل علينا ببعض الأمطار وبعض الغيوم التي من شأنها أن تعيد لنا الشعور بنكهة الشتاء وتمنحنا بعضاً من طعم السعادة والرومانسية، خصوصا حين تسيل المياه على زجاج نوافذ السيارات ونحن نقودها، أنا شخصياً أحس بطعم المتعة والسعادة إذ أظلّ أتجول بالسيارة مستمتعاً بهذه الومضات الشتوية الجميلة بعيداً عن صخب الحياة والسياسة والضغوط اليومية، وزحمة الحياة التي جعلت كل الأشياء حولنا تتحول إلى أخبار وشائعات نكد تبثها جيوش الذباب الإلكتروني! فقد دأبنا في هذا المجتمع الصغير الحالم، على أن الإفطار سياسة والغداء أخبار والعشاء شائعات، فقد تم تذويب مشاعرنا وغمسها في حقول وسائل التواصل الاحتقاني! وهذه آفة المجتمعات الخارجة من أفران السياسة طرية.

ليتنا اليوم نلتفت بعض الشيء لسر الحياة ورقتها ورؤية ما فيها من جمال وخير ومحبة وشعور بالحب تجاه الآخرين ورغبة في زرع كل ما هو طيب وجميل من حولنا، ونجعل الحياة سهلة وبسيطة وغير معقدة، الطقس بغيومه وشمسه الدافئة فرصة للانطلاق بحيوية والتمتع بفتح رئتنا لتنفس هذا الطقس الشتوي الجميل بمنظر الأزهار والأشجار التي تملأ الشوارع والتي أجزم بأن كثيرين لا يعيرونها انتباهاً، بل هناك ربما من لا يراها على الإطلاق لأنه مشغولٌ بتجاوز الآخر أو بسباق مع السائق الآخر الذي يريد أن يسرق منه أولوية المرور، هكذا نحن متورطون بأسبقية العبور بدلاً من ملاحظة تفتح أزهار الطريق.

هناك الكثير من الأشياء التي بوسعها أن تسعدنا فقط لو نتوقف ونتأملها بدلاً من الركض السريع وراء كل شيء يلمع حولنا، فليست الحياة هي تلك المشاكل الضاغطة هنا وهناك وليست هي تلك الأمور التافهة التي تحد من سعادتنا مع العلم بأنها أمور عابرة لو فكرنا بها إيجابياً بدلاً من تركها تحاصرنا طوال الوقت، وتدخلنا في سباق من يكسب أولاً!

 

تنويرة:

حين تُعْرض عليك سلعة مجانية تحسس جيبك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية