العدد 4150
الإثنين 24 فبراير 2020
banner
مواقف إدارية أحمد البحر
أحمد البحر
للخلف دُر..
الإثنين 24 فبراير 2020

من المواقف الطريفة التي ترفض مغادرة ذاكرتي رغم مرور الزمن الطويل عليها هذا الموقف الذي أعرضه أمامك، سيدي القارئ، وهو مشهد طريف كما أسلفت ولكنه - في ذات الوقت - من الواقع، فقد عشت فصوله وشاهدت نهايته المتوقعة. هكذا بدأ محدّثي روايته للموقف ثم تابع:

كنت أراقب وبشغف سلوكيات أحد “المسؤولين” الغريبة، والتي أظنّها كانت قريبة من المسرحية الكوميدية. كان هذا المسؤول يأتي في الصباح الباكر وقبل بدء وقت الدوام بدقائق ويتوجّه مباشرة إلى جهاز البصمة ليثبت حضوره ثم يعود مسرعًا إلى سيارته التي عادة ما يوقفها مقابل المدخل الرئيس للمؤسسة ثم يختفي ليعود قبل نهاية الدوام بساعتين على الأكثر ويدخل مقر العمل دون المرور طبعًا بجهاز البصمة.

الأكثر طرافة في الأمر، كما يقول محدّثي، هو حرص هذا الشخص الذي كان يشغل وظيفة رئيس وحدة على وجوده في مقدمة المغادرين عند نهاية الدوام. ويتابع محدّثي قائلاً: كنت أتسلّى بهذا المشهد الطريف الذي كان يتكرّر أمامي كثيرًا وأحرص على ألا يفوتني.

بعد فترة قرّرت المؤسسة إعادة هيكلة استراتيجيتها لتتماشى مع المتغيّرات في أسواق العمل المحلية والخارجية، ونتيجة لذلك أصبحت تلك الوحدة التي كان يرأسها ذاك المسؤول إدارة كبيرة تتمتّع بكيان مستقل لها ميزانيتها الخاصة ومجلس إدارة وتقرّر أن يكون من يديرها في منصب رئيس تنفيذي. وتابع محدثي:

عاش صاحبنا فترة في انتظار القرار بتعيينه في ذاك المنصب واستطاع أن يقنع نفسه بأنه الأكفأ والأجدر بالمنصب وأنها مسألة وقت حتى يصدر ذلك القرار؛ خصوصا أنه تم إلغاء وظيفته الحالية نتيجة لإنشاء تلك الإدارة. مرّ أمامه شريط انضباطه وسلوكه (للخلف دُر)، أي ابصم وعد من حيث أتيت، ولكنه اعتقد أن ذلك كان بعيدًا عن علم الإدارة العليا. لم يطل الانتظار فقد تسلّم إخطارًا... يقول نوفاليس في هذا السياق: ’’يستطيع جميع الناس أن يكونوا نوابغ لو لم يكونوا كسالى‘‘.

ما رأيك سيدي القارئ؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .