العدد 4162
السبت 07 مارس 2020
banner
إيران... “الانقلاب العسكري” ومتطلبات المرحلة الجديدة (1)
السبت 07 مارس 2020

لم تمر إيران منذ انتصار الثورة الخمينية في عام 1979 بأسوأ مما تمر به الآن، فأوضاعها الاقتصادية متردية وغير مستبعد أن تصل إلى الانهيار إذا بقيت الأمور تسير في هذا الاتجاه، وانتخاباتها الأخيرة كانت مهزلة، لا بل إنّ ما جرى في الحادي والعشرين من فبراير الماضي كان انقلاباً عسكرياً بكل معنى هذه الكلمة، ولم تكن انتخابات على الإطلاق، إذْ إن “طغمة الحرس الثوري” أزاحت الجميع وسيطرت على كل شيء، وبات المرشد الأعلى علي خامنئي، مجرد واجهة لنظام قمعي أسوأ ألف مرة من نظام آية الله الخميني، وأيضاً من نظام الشاه محمد رضا بهلوي في أيامه الأخيرة.

لقد جرت العادة، في فترة ما بعد ثورة عام 1979، أن يجري “تزوير” الانتخابات، وأي انتخابات، بطرق غير مستغربة، أما عندما أصبح حتى قرار المرشد الأعلى في أيدي جنرالات حراس الثورة، الذين كان على رأسهم قاسم سليماني الذي تم التخلص منه ومعه زميله أبومهدي المهندس في انفجار تبناه الأميركيون في مطلع يناير عام 2020، فإن ما كانت تُوصف بأنها “الديمقراطية الإيرانية” قد وضعت على الرفّ وبات هذا البلد العريق يخضع لطغمة عسكرية على غرار ما كان سائداً في دول الانقلابات العسكرية.

ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال أن قوى المعارضة الإيرانية، التي على رأسها حركة “مجاهدي خلق”، كانت قد اتخذت خطوة توحيدية قبل فترة قصيرة لم نعد نسمع عنها شيئاً، والمفترض أن تتجاوز هذه القوى خلافاتها الثانوية وأن توحّد صفوفها ولو على أساس برنامج الحد الأدنى لتستغل هذه اللحظة التاريخية التي غدت بالفعل سانحة، وتتخلص من هذا النظام الأكثر من “ديكتاتوري”، وتقيم نظام انتخابات ديمقراطياً يستحقه هذا الشعب العريق ومعه كل المكونات القومية الأخرى التي من بينها العرب والأكراد وغيرهم كثيرون.

لقد ثبت وبالأدلة القاطعة أن الشعب الإيراني، بكل مكوناته القومية والمذهبية والدينية، لم يعد يحتمل هذه الطغمة الحاكمة، التي كان قد راهن في فبراير عام 1979 على أنها ستستبدل بنظام الشاه محمد رضا بهلوي نظاماً ديمقراطياً بقي الإيرانيون بكل مِللهم ونِحَلهم ينتظرونه لسنوات طويلة، وأن موقفه، أي الشعب الإيراني، من هذه الانتخابات “الوهمية” الأخيرة التي كانت مجرد مسرحية هزلية، يؤكد أن لحظة “التغيير الحقيقي” قد دنت فعلاً، وهذا يتطلب أن تتجاوز قوى المعارضة هذه خلافاتها كلها، حتى إن كانت رئيسية، وأن تتكاتف وتغلّب الرئيسي على الثانوي وألا تفوّت هذه الفرصة التاريخية. “الشرق الأوسط”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .