+A
A-

كواليس ما حدث.. كيف أعلن ترمب وقف الرحلات مع أوروبا؟

في المكتب البيضاوي يوم الأربعاء وقبيل إلقاء واحد من أهم خطاباته منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة، جلس الرئيس الأميركي دونالد ترمب مستمعاً إلى جدال دار بين مساعديه حول ما إذا كان قرار منع سفر الأوروبيين إلى الولايات المتحدة سيؤدي إلى كساد عالمي أم لا، وذلك بحسب ما جاء في تقرير نشره موقع شبكة "بلومبيرغ" الإخبارية الأميركية.

ووفقا لما ذكره أشخاص مطلعون على المناقشات والمداولات، فقد كان هناك إصرار واضح من جانب الخبراء الطبيين في فريق ترمب والذين كانوا يرون في "إبعاد الأوروبيين" أفضل طريقة لإبطاء انتشار الفيروس التاجي المستجد، على أمل أن ينحسر المرض بشكل طبيعي في الطقس الحار.

إلا أن ردا قويا جاء من جانب وزير الخزانة ستيفن منوشين ولاري كودلو، كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس، اللذين أكدا أن التكلفة الاقتصادية عن هذا القرار ستكون باهظة.

ترمب رئيسا في 2020؟

سمح ترمب باستمرار المناقشات لفترة قصيرة، واستمع لما يكفي من حجج تدعم رأي كل جانب، ثم طلب من بعض المستشارين الذهاب إلى غرفة مجلس الوزراء المجاورة وطالبهم أن يعودوا بخطة يتفقون جميعا عليها.

حين عادوا أخبروه بأن الجميع تقريبا أيدوا اتخاذ قرار تقييد تسيير الرحلات الجوية مع أوروبا، فوافق ترمب وجرى إعداد خطابه الذي أعلن فيه ما تم الاتفاق عليه من إجراءات.

يرى مساعدو ترمب أن هذه اللحظات هي الأكثر أهمية في فترة رئاسته، وهو الوقت الذي سيقرر فيه الناخبون ما إذا كان الرئيس يستحق إعادة الانتخاب أم لا. وذهب أحدهم إلى قول: "سنفوز أو نخسر هنا".

كما أوضح مساعد آخر قائلًا إنه إذا انخفضت سوق الأسهم لأقل مما كانت عليه عندما تولى ترمب منصبه، فسينهار جسر الثقة الذي قام ببنائه بأنه الشخص الوحيد الذي يمكنه الحفاظ على المسار الصحيح للاقتصاد.

ولكن إذا كان هذا هو المعيار الذي سيحتكم إليه الناخبون حقًا، فإن خطاب ترمب يوم الأربعاء لم يفعل الكثير لكسب ثقتهم أو لتعزيز فرص فوزه لفترة ولاية ثانية، فقد انخفض مؤشر S&P 500 بنسبة 10٪ تقريبًا يوم الخميس، مسجلاً أسوأ خسائره منذ الانهيار في عام 1987، حتى بعد أن اتخذ مجلس الاحتياطي الفيدرالي خطوات قوية من خلال إغراق السوق بالسيولة وتوسيع مشترياته من الأوراق المالية الحكومية الأميركية.

الاقتراح الأهم

تابع الأشخاص المطلعون على كواليس المناقشات الشرسة التي سبقت خطاب ترمب وأوضحوا أن الاقتراح الأهم والأكثر إثارة للجدل بتقييد تسيير من أوروبا لم يكن صادرا من الرئيس نفسه، بل من الخبراء الطبيين في فريق عمل مكافحة الأوبئة الخاص به، بقيادة ديبورا بيركس، وهي طبيبة تم تعيينها سفيرا لوزارة الخارجية للوقاية من الإيدز، والتي قدمت شرحا مفصلا حول عدد الحالات الجديدة في الولايات المتحدة، التي يمكن تتبع سبب حدوثها بسبب الرحلات القادمة من أوروبا، كاشفة أنه لو تم وقف الرحلات الجوية في وقت مبكر لكان من الممكن احتواء تفشي المرض في ولايات قليلة، وهو الرأي الذي دعمه وأيده وزير الصحة الأميركي أليكس آزار.

إلا أن موشين عارض بشدة، قائلاً إنه لا أحد يأخذ في الاعتبار الضربة المدمرة التي سيتلقاها الاقتصاد، الذي اهتز بالفعل بسبب تفشي الفيروس، أو الأشخاص الذين سيفقدون وظائفهم بسبب هذا الإجراء.

كما جادل بعض أقرب مستشاري ترمب بفرض قيود أكثر صرامة، بما في ذلك الوقف الكامل للرحلات الجوية إلى الولايات المتحدة مدة 30 يوما، بحسب ما ذكرته المصادر، التي حضرت المناقشات بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض.

وأضافت المصادر أن مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين كان أحد المؤيدين لقرار وقف الرحلات الجوية على نطاق أوسع من أوروبا، لكنه لم يقم بدعم أي مقترحات تدعو إلى الإغلاق الكامل للحدود الأميركية.

وفي النهاية، تم التخلي عن فكرة الإغلاق الكامل لحدود الولايات المتحدة باعتبارها إجراء مبالغا فيه.

اللحظات الأخيرة

وفي اللحظات القليلة، التي سبقت إلقاء ترمب للخطاب، تحدثت مجموعة أصغر من المساعدين مع ترمب وهو يستعد لإلقاء كلمته ودعوه إلى التركيز على الضرورة الصحية، التي حتمت اتخاذ قرار تقييد الرحلات الجوية مع أوروبا، ضمت المجموعة نائب الرئيس مايك بنس وابنته إيفانكا ترمب وصهره جاريد كوشنر ووزير الصحة آزار.

وبحلول صباح اليوم التالي، ومع تراجع الأسواق، تحدث ترمب مع الصحافيين حول خطابه، قائلا: "لقد اتخذت قرارا صعبا الليلة الماضية. وبصرف النظر عما إذا كان يؤثر على سوق الأسهم أم لا، والتي على الرغم من أهميتها البالغة إلا أنها ليست مهمة مقارنة بقرار يرتبط بالحياة والموت.. لذلك اضطررت إلى اتخاذ هذا القرار، وبصراحة، أشاد الخبراء والمتخصصون بالقرار، الذي كان ضروريا أن أتخذه، وأعتقد أنكم سترون أن النتيجة النهائية ستكون جيدة جدا بسبب هذا القرار".

يشار إلى أن الرئيس الأميركي كان أعلن الخميس الماضي، تعليق جميع الرحلات من وإلى أوروبا 30 يوما، باستثناء بريطانيا، مؤكدا أن هذا القرار جاء ضمن الإجراءات التي تم اتخاذها من أجل منع تمدد فيروس كورونا.