العدد 4190
السبت 04 أبريل 2020
banner
أورهان باموق... والنهوض لتحقيق الحلم المؤجل
السبت 04 أبريل 2020

لا يمكنك التنبؤ بشكل حياتك ما لم تبادر أنت إلى تولي مهمة قيادتها إلى بر الحلم، خصوصا إذا كنت قد ولدت في أسرة تحاول إلباسك الثوب التقليدي لها من خلال دراسة تخصص معين، وهذا ما حدث في البداية مع الروائي التركي أورهان باموق حيث أجبر على دراسة الهندسة ليسير على خطى والده وجده وعمه، وكان لهم ما أرادوا ولكن لفترة بسيطة.

والد أورهان كان القدوة والمثل الأعلى له، وكان مولعا بالشعر الغربي وغالبا ما كان يترجم ويقرأ الشعر على مسامع ابنه، فقد أراد أن يكون شاعرا إلا أن تجارته سرقته من تحقيق حلمه واكتفى بمحاولات متواضعة للكتابة التي بقيت مخبأة لسنوات في درجه دون مساس. ولعل هذا الصراع الذي عرقل أحلام والد أورهان كان السبب الرئيسي الذي دفع أورهان لأن يقرر بأنه لا يريد أن يكون نسخة مكررة من والده، فقرر مخالفة التقاليد وتغيير تخصصه إلى الصحافة، متبعا الصوت الداخلي لقلبه وهو الصوت الذي سيقلب موازين حياته ويغير أقداره لاحقا.

لقد ساهمت البيئة المرتوية بالثقافة - التي نشأ فيها أورهان - في أن تشكل على نحو خفي شخصية الكاتب الموجود بداخله وظل متشبعا بالحكايات والشعر الذي سقاه إياه والده، متسلحا بالمكتبة الضخمة التي ضمت آلاف الكتب في المنزل، ومع شروعه في تأليف أولى رواياته أدرك باموق أن هذا ما كان دائما يرغب به وأن لا شيء سيقف في طريق كتاباته.

اليوم يعد باموق واحدا من أهم وأبرز الروائيين العالميين مع مبيعات تتجاوز الملايين وترجمات لرواياته تتجاوز ثلاثين لغة خصوصا بعد نيله نوبل للأدب عام 2006. لو بقي أورهان أسيرا لتوقعات أسرته... هل كنا سنعرفه ذات يوم؟ بالتأكيد لا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية