+A
A-

قوات النظام تستقوي على المخيمات..مشروع مربح عند كل نزوح

تلك المنطقة القابعة شمال سوريا تعيش مآسي حقيقية بكل معاني الكلمات، فمن جهة ترزح تحت وطأة أفعال شنيعة تقوم بها فصائل موالية لتركيا تتضمن إذلال المواطنين وأعمال سرقة وسطوا وسحلا بحقهم، ومن جهة أخرى يلوح لها خطر تفشي فيروس كورونا المستجد في ظل إمكانيات معدومة لمواجهته، ليأتي جديد قوات النظام التي باتت تتلذذ في ذبح و ترويع و ارتكاب المجازر الوحشية بحق هؤلاء المشردين.

في التفاصيل، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، السبت، بأن مخيمات قابعة بالقرب من خطوط التماس مع مناطق سيطرة قوات النظام في مناطق شمال غربي سوريا، تعيش كارثة حقيقية بعدما تم إخلاؤها سابقا بفعل القصف في أعقاب العملية التركية التي نفذت في مناطقهم قبل أشهر، حيث نزح منها عشرات العائلات في منطقة زردنا وكتيان في ريف إدلب بالقرب من الحدود الإدارية مع محافظة حلب.

ومع انتشار الفوضى، أصبحت تلك المخيمات وما تحوي من معدات وخزانات مياه وألواح الطاقة الشمسية عرضة للسرقة، في حين تم بيع قسم منها إلى تجار الإغاثة، حيث تعرض في الأسواق تلك المعدات بأسعار بخسة، بينما تنتشر العائلات المشردة في كل مكان من محافظة إدلب.

وعلى الرغم من أن موظفي الجمعيات الخيرية والعاملين في مجال الإغاثة، كانوا قد بدأوا قبل أيام، بأعمال لبناء المخيمات في ذات المكان الذي هجره النازحون بسبب قصف النظام، إلا أن هؤلاء مازالوا معرضين لخطر الاستهداف في أي لحظة.

وأفادت مصادر المرصد بأن مسؤولي المنظمات الإغاثية ورؤساء المجالس المحلية كانوا عملوا على إعادة بناء مخيمات كانت موجودة سابقا في المنطقة الواقعة بين ريف حلب الغربي وريف إدلب الشمالي، وذلك لاستمرار تقديم المساعدات إليهم، إلا أن قرب المخيمات من مناطق نفوذ النظام يجعل منها مشروعا مربحا عند كل نزوح.

قلق داخل المخيمات

ويعيش عشرات الآلاف من سكان ريف إدلب في مخيماتٍ غير مأهولة على الحدود السورية ـ التركية وسط ظروفٍ معيشية يصفها سكانها بـ "الصعبة".

ومع انتشار فيروس كورونا في كلّ دول الجوار السوري كالعراق وتركيا والأردن ولبنان، يتزايد القلق لدى السكان في عموم سوريا خاصة لدى الذين يقيمون داخل المخيمات، حيث يشارك العشرات خيمة واحدة.

فيما تعتمد المؤسسات الإدارية في إدلب وغيرها من المناطق السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلّحة على الخدمات التي تقدّمها تركيا، فقد كشف مسؤول في الحكومة المؤقتة والمدعومة من أنقرة لوسائل إعلامٍ محلية عن إقامة مراكز للحجر الصحي في محافظة إدلب.

كما أقامت أنقرة نقاطا طبيّة على حدودها مع سوريا، حيث تقتصر مهمتها على مراقبة الحالة الصحية للمسافرين كإجراء احترازي لمنع تفشي فيروس كورونا.

"خطر يلوح في الأفق"

في السياق أيضا، حذرت لجنة الإنقاذ الدولية منذ أيام، من أنه يمكن لفيروس كورونا المستجد أن يتفشى بسرعة في مخيمات اللاجئين والنازحين المكتظة بشدة في بعض دول العالم أكثر من أي وقت مضى منذ بدء انتشار الوباء.

وقالت اللجنة في تقرير إن معدل انتشار كوفيد-19 في المخيمات الأكثر اكتظاظاً قد يتجاوز ذاك الذي شهدته سفينة "دايموند برنسيس" السياحية التي تفشّى فيها الفيروس مطلع العام، وكان على متنها 3700 شخص، وتم فرض الحجر الصحي عليها في ميناء يوكوهاما الياباني، قبل إخلائها، محذرة من أن "المرض قد ينتشر بسرعة ويمكن أن يكون مدمراً"، بحسب تعبيرها.

وأوضحت أن "اللاجئين والنازحين في مخيمات في سوريا واليونان وبنغلاديش يواجهون خطر الإصابة بشدة بكوفيد-19 كونهم يعيشون في مساحة ضيقة أكثر وذات كثافة سكانية أعلى" من السفينة السياحية.

كما نبّهت إلى أن انتشار الفيروس على متن السفينة، حيث أصيب 712 راكباً خلال شهرين من الحجر الصحي، كان أسرع بأربع مرات مما كان عليه عند ذروة تفشيه في مقاطعة ووهان الصينية، منشأ الفيروس.

"الأكثر فتكاً"

بدوره، قال كبير مستشاري السياسات لدى اللجنة ماركوس سكينر إنّ "انتشار كوفيد-19 السريع على متن (دايموند برنسيس) يظهر كيف يزدهر الفيروس في الأماكن المحصورة، لكن بالنسبة إلى ملايين النازحين، فإن المخاطر أكثر فتكاً".

وأضاف: "يفتقر اللاجئون الذين يعيشون في مخيمات مكتظة للغاية إلى الرعاية الصحية الملائمة والمأوى والمياه والصرف الصحي، ما يشكل تحدّيات كبيرة أمام الجهود المبذولة لحمايتهم من المرض".

كذلك سمّت اللجنة بالتحديد ثلاثة مخيمات هي: مخيم الهول في شمال شرقي سوريا، حيث يقيم عشرات آلاف النازحين وأفراد عائلات مقاتلي تنظيم داعش، ونسبة الكثافة السكانية فيه 37,570 شخصاً في الكيلومتر المربع الواحد.

يشار إلى أن تلك المناطق المذكورة يقطنها عشرات الآلاف من سكان المناطق المتضررة جراء الحرب، أغلبهم في مخيمات غير مجهزة وفي وسط ظروفٍ معيشية كارثية.