العدد 4191
الأحد 05 أبريل 2020
banner
القاهرة و “لياليها”
الأحد 05 أبريل 2020

كما هو حال كثيرين، اتتبع باهتمام أخبار الفيروس “كورونا”، والذي قلب نمط الحياه في الكرة الأرضية كلها رأسا على عقب، وأجلس الناس في بيوتهم، كما أتابع أيضا الإحصاءات المخيفة، والتي تخطت حاجز المليون مصاب، والخمسين ألف قتيل.

ولوهلة، تأملت هذه الأرقام في العالمين العربي والإسلامي، والتي لا تقارن بغيرها قط، وكأن هنالك عناية إلهية ورحمة غيبية، تمنع تفشي هذا الوباء القاتل في بلاد المسلمين، وهي رحمة ستستمر مع الابتهال إلى الله عز وجل، ومع تذكر الأسباب التي أوجدنا لها، ومع مراجعة النفس، والأخطاء، وتصحيحها، وعدم المكابرة عليها.

وفي هذه المتغيرات الواسعة، والسريعة جدا، والتي ألقت بظلال “متوحشة” على الاقتصاد العالمي، وعلى العلاقات ما بين الدول، والناس، والأصدقاء، والمعارف، ودفعت الجميع قسرا لإعادة النظر لأولويات الحياة، استذكرت ليالي الأنس والجمال في مصر العروبة، والتي أفتقدها أكثر من أي شيء آخر.

محبتي لمصر، ولشعبها الطيب، وللقاهرة ولأحيائها، و”لأفيشات” الباعة وسائقي التاكسي لا حدود لها، وهي محبة نابعة من تاريخ مصر العريق، ومن تراثها وثقافتها وأدبها وفكر مثقفيها، وفنها، ومسرحها، وروائيها، والحديث بذلك يطول ويطول.

وكما يفتقد الكثيرون شد الرحال للبلدان البعيدة، لزيارة الشواطئ والمطاعم، وللجلوس على مقاهي “الشانزلزية” و”الماي فير”، و”لينكن ستريت” وغيرها، أفتقد أنا الجلسات البسيطة بمقاهي الدقي، والتوفيقية، ووسط البلد، والأهم إمبابة.

إمبابة هذه المدينة الجميلة، ذات الطابع المصري الشعبي الخالص، ببساطة أناسها، وكرمهم، وترحابهم بالضيف، أصبحت اليوم بحال لا يقل عن مدن البحرين والخليج العربي والعالم كله، لكنها ستعود لسابق بعهدها ذات يوم قريب، وأن الأمل بالله عز وجل بذلك لوافر.

أستذكر الآن إمبابة، واستذكر بيت “ست الكل” أم محمد الشاعر وابنتها المصونة سميرة، الجاثم في أحد دهاليز حي الوراق العتيق، والذي يقدم أجمل الصور في الكرم المصري، وفي النقاء المصري، وفي العطاء المصري، فلهم مني كل الود والمحبة والاحترام، والأمل بلقاء قريب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .