العدد 4201
الأربعاء 15 أبريل 2020
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
المُنتظرون... أسهل ضحايا كورونا!
الأربعاء 15 أبريل 2020

عادة ما نستبشر مع كل سنة جديدة، ونرى أنها فرصة مواتية للتغيير، والتطوير، والتعديل، والتحسين، لذلك؛ فإنها – غالبًا – ما ترتبط بتحقيق أهدافنا القصيرة أو البعيدة. كل سنة مُستجدة، لكل ذي عقل واع؛ هي قيمة مُضافة في عمره، ووقته، وزمنه على هذه الأرض، لذلك؛ فإن تضييعها أو جرّ سابقتها إليها، ومدّها بالسنة اللاحقة؛ فرط جهل، وهدْر، وحماقة سافرة. توسّمنا خيرًا في 2020، أبهجَنا تشكيلها الرقمي، ولم نكد نكشِف قليلا من مضمونها؛ حتى أطلّت علينا، بأكثر من محنة؛ لعل هذا الوباء الذي اجتاح ما يزيد على 183 دولة – حتى الآن – أبشع صورها، وأسوأ ما مر على ما يقارب ثمانية مليارات إنسان على وجه الكرة الأرضية! قلَب أوراقنا جميعًا؛ فتطايرت أو تبخرت معها آيات من الأحلام، والطموح، والأهداف، وحلّ محلها غول بشع، ليس موتًا؛ فالموت نهاية، ونقطة على السطر، وكفى، بل؛ (الانتظار العقيم). انتظار لا يحجُر على تحركك الجسدي، بل النفسي والعقلي معًا، أقرب إلى الشلل، والبطالة الفكرية، تنتظرُ من الأحداث أن تجري على هواك، وتُرجعك إلى روتينيات حياتك السابقة! تنتظرُ من جهات عملك أو دراستك أنْ تُؤذِن لك بالحراك، وإلا؛ توقفتَ، وجمدتَ، وتعطلت، وربما استسلمت لمشاعر الملل، والكآبة، والغضب، والخوف؛ فأصبحتْ زادَك اليومي السامّ! ونسيتَ – على حين غُرّة من أمرك – أن لك حلمًا أو هدفًا، كانت أعلامه ترفرف على رأسك، فقط، منذ أشهر قليلة جدًا.

لم نعد في مرحلة الصدمة؛ فأغلبنا استوعب ما يحصل حوله، وعرف كيف يبتعد عن مصدر الخطر، وينأى بصحته وعافيته عنه، لم يعد الأمر مجهولا تمامًا، غامضًا، وغريبًا كليا؛ لذلك نرى الخوف يتناقص، ويحل اطمئنان نسبي، وأمن داخلي، فماذا ننتظر أكثر؟ أي عمر سنبدد أكثر؟ أي حدث سنراقب حصوله؟ وأي أخبار سنتابع (حذافيرها)؛ فنهمل الرجوع إلى أوراق أحلامنا، لنستعيد ترتيبها، وتركيبها، وتجميعها!  هذا الوباء سيمضي بعيدا، وإنه لكذلك، غير أن من المُخلّ، أن يجرّنا – طويلا من الوقت – نحو ساحاته، فتضيع ساعات أعمارنا، دون فائدة أو نتيجة؛ سوى الخسارة! الوقت ليس مالا أو نقودا، كما يذهب إلى ذلك الماديون، إن كل جزء منه يعادل قطعة من حياتك، لذلك؛ فإن ما يضيع منه سدى - في انتظار فرجٍ مجهول التوقيت - هو تنازل طوعيّ عنه، لصالح العبثية، والفراغ، واللهو الزائف، والمتع الزائلة.

لدى كثير منا مفاهيم مغلوطة، أبرزها: تضييع الوقت في انتظار حدث ما، إن الصحيح استثماره لا تضييعه، إن أسوأ انتظار هو ما يسحب من رصيد أعمارنا، ونحن نتضاحك في سهو وغفلة. من هنا؛ ما لم يكن انتظار انتهاء أزمة كورونا مصحوبًا بعمل مفيد؛ فإننا لا شك أسهل وأبشع ضحاياه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .