العدد 4203
الجمعة 17 أبريل 2020
banner
متى تضيع المؤسسة؟
الجمعة 17 أبريل 2020

يصيبك بالذهول وأنت تتأمل مشيته مندفعاً نحو مكتبه، يتسارع في الخطى ليوهمك أنه على عجلة من أمره، وهناك الكثير من القرارات التي تنتظر الاعتماد على أحر من الجمر على تلك الطاولة العريضة التي يجلس عليها طوال الوقت. لكنك سرعان ما تكتشف أنه مُسرع لا لشيء سوى أنه يرغب في الاختباء مرة أو ليتوارى عن الأنظار ما أمكن عن الناس مرات أخرى، عن الموظفين أو عن المراجعين بلا تفريق “هكذا الحال في كل يوم” كما يقول بعض الموظفين عنه. ينطبق عليه وصف بليغ وهو أنه مشروع مؤجل لضياع المؤسسة التي يرأسها، فهو بعيد كل البعد عن واقع الإنجاز ومواجهة التحديات التي عُين من أجلها على رأس هذه المؤسسة العريقة.

يَفرض عليك بعض القادة الإداريين الانحناء تقديرا واحتراما لحجم الإنجازات التي قاموا بها في فترات زمنية وجيزة من استلامهم المنصب، بينما النموذج الآخر لا ترى في أي من إنجازاته ما يستحق الشكر أو يستوجب الذكر، فالمعاملات متكدسة والتسويف في القرارات مهارة يتقنها جيدا، “الأمور إلى الأسوأ منذ أن استلم المنصب” يقول أحد العاملين مع هذا النموذج الإداري، وعلاوة على ذلك تجده يملك شهية مفرطة في توظيف الوافدين، بل يسارع في تسهيل انضمامهم لهذه المؤسسة، حتى لو كانت مؤهلاتهم لا تتناسب وشروط الوظيفة (الأمثلة كثيرة)، والنتيجة اليوم هي سيطرة الوافدين وهيمنتهم على أغلب الوظائف، وقد أكدت لجنة بحرنة الوظائف في تقريرها هذا الأمر بشكل مُفصل وجلي، فاكتشفنا أعدادا كبيرة من الوافدين في بعض المؤسسات الوطنية للأسف الشديد، وهي في تزايد مستمر وبلا انقطاع، بينما يعمد هذا النموذج الإداري السلبي إلى تجاهل وإبعاد طلبات المواطنين المؤهلين لشغل تلك الوظائف.

محزنٌ للغاية ما وصلت إليه بعض مؤسساتنا الوطنية، خصوصا تلك التي توالى على رئاستها خيرة رجالات هذا البلد، والذين تركوا بصمة وطنية مخلصة سطرها التاريخ في أبهى وأجمل صفحاته، نشهدُ اليوم تراجعها المؤسف وتفضيلها غير المبرر للعمالة الوافدة. ودمتم سالمين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية