العدد 4208
الأربعاء 22 أبريل 2020
banner
رؤيا مغايرة فاتن حمزة
فاتن حمزة
كورونا وجشع بعض التجار... الغين الثامنة
الأربعاء 22 أبريل 2020

لا شك عزيزي القارئ أنك تتساءل عن معنى (الغين الثامنة)، وجواب ذلك هو أنني استحضرت وأنا أتابع مسألة جشع بعض التجار أثناء الأزمة التي نحن فيها اليوم، بيت شعر لابن قاضي شهبه، يصف فيه أوضاع المسلمين أيام غزو التتار للشام بقيادة ملكهم غازان: “غلاء وغازان وغزوة وغارة... وغدر وإغبان وغم ملازم”، حيث ذكر سبع كلمات تبدأ بحرف الغين، وأنا أضيف كلمة (غش) لتكون الغين الثامنة، نعم إنه غش وأي غش أن يستغل بعض التجار حاجة الناس في هذه الظروف الصعبة، ألا يكفينا غزو المرض وغدر بعض الذين لا ينفكون يسيئون إلى جهود الحكومة في احتواء المرض، والغم الملازم لنا في الفترة العصيبة؟

لكن حكمة الله أن من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه، فهاهي وزارة التجارة تصادر وتغلق وتحذر وتنذر من يستغل الظروف ويتجاوز القوانين بحرمانه من تجارته ومصادرة بضائعه، فضاعت أموالهم التي كانوا يأملون مضاعفتها جشعاً واستغلالا فمحق الله البركة منها، هؤلاء لا يعرفون الرحمة ولا يدركون ما يمر به المحتاجون، حيث لم يصبروا على عوزهم وعجزهم وعدم قدرتهم، بل كان همهم مضاعفة أرباحهم أملاً في مزيدٍ من الكسب.

هناك مستفيدون من أوجاع البشر ومصائبهم، يجهلون المنح والعطاء، يلهثون خلف الربح المادي حتى إن كان استغلالاً أو احتكاراً، في مملكتنا تبقى هذه الفئة قليلة مقارنة ببقية التجار الوطنيين الملتزمين، نقف تحية إجلال واحترام لمن تجدهم أقرب إلى الناس في الملمات ولا يتوانون عن التنازل عن جزء من أرباحهم حتى يتجاوز الناس هذه المحنة. فعلا هذا الوباء كشف لنا الكثير من الخبايا المكبوتة في قلوب البشر، جعلنا ندرك من هو الصالح، وأدركنا معادنهم ومدى إيمانهم ورحمتهم ووطنيتهم. أختم مقالي بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنَّ التُجَّارَ يُبعَثُونَ يَومَ القِيَامَةِ فُجَّارًا، إِلَّا مَن اتَّقَى اللَّهَ وَبَرَّ وَصَدَقَ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .