العدد 4217
الجمعة 01 مايو 2020
banner
ما هي مهمة الكاتب؟
الجمعة 01 مايو 2020

عندما نرى الكم الهائل من الكتاب والكتب في محيطنا علينا الذهاب إلى مفهوم الكتابة والكاتب، ورغم فارق العصور بين ما كانت عليه الكتابة قديما وما بين أيدينا اليوم، بقيت الكتابة مستودع الحضارة والتاريخ وتراكمها عبر الأجيال، ولا ننسى أن الكتابة عبر التاريخ بدأت بحفر الرسوم ابتداء، ومن ثم حفرت رموز الرسوم. ثم ابتكرت الكتابة منذ 3900 عام قبل الميلاد وهي الكتابة السومرية ثم بعدها بألف ومئتي عام اعتمدت الخط المسماري لكتابة اللغة الآكدية ثم الآشورية والبابلية وجميعها أتت من بلاد الرافدين، ثم تحولنا إلى الخط الأبجدي والنحو ولكن أتى بكثافة بعد صناعة الورق في حضارة الصين في القرن الثاني الميلادي ثم اقتبس المسلمون صناعة الورق من الصين، وفي القرن الثالث عشر تغيرت مسيرة الكتابة حيث اقتبست أوروبا صناعة الورق من بغداد وسمرقند، ثم بعد قرنين اخترعت ألمانيا أول آلة طباعة وبعدها نهض علم الطباعة والكتب في القرن الخامس عشر، لكن ماذا بعد هذا الجهد من هو الكاتب وما دوره؟ مرت قرون حتى نصنع له ما يزين ويسهل كتاباته ليخرجها نورسا على ضفاف الشواطئ، الكاتب دائما يجب أن يكون بالريادة ويكون محللا على نحو مفيد وناجع، وليس ناقلا لحدث أو خبر، ومن واجبه تناول الحدث وله الدور الفاعل في تبصير المجتمع بخطاب وطني وإنساني، لذلك سلم له الحبر والورقة لتصبح أسيرة بين أصابعه.

والورقة ليس لها وطن، مثلما ليس للحبر وطن، والمقال يولد من فكر الكاتب منذ خطه على لوحات الطين ودكات المعابد وجدران الكهوف، وهناك مقالات تظل شاخصة لا تموت، بعكس الكينونة الحيّة التي ولدت كي تموت، ويكون الكاتب فيها كالسديم عالق بين الممكن والمستحيل، ولا يكون له سر يمنحه فقط لمن يريد.

فنحن مازلنا نهجوا الزمن ولا نهجوا الجهل المتفشي بين الناس، بعد أن شغلتهم السياسة والعنصرية، وأصبحت الفوضى جزءا من حياتنا في معظم الأحوال يجتاحنا وباء قاتل والكثير مازال يظهر لنا دون كمام أو قفاز. متبجحا بأنه سينقل هذا الوباء للجميع وعليكم الاستسلام، اللعنة ُ على بعض السياسات التي جعلت من البشر شيعا وكتلا وطوائف فرقتهم وقصمت ظهورهم! قد يكونُ ثمة ضباب في رؤيتي لهؤلاء، فإن وجودهم خيال.. أليس هذا واجب الكاتب؟ أن يشن هجمة على من يريد قتل البشر أو يتقصد إيذائهم متعمدا ويجهض جهود دولة سخرت أموالا للقضاء على هذا الوباء الطارئ. هل سيبقى هؤلاء كالعقارب يقرعون كؤوس التناحر؟ وهل نحن الكتاب نبقى نقرعُ أقداح الخلاف؟ أريد جوابا قبل أن يهرب حلمي إلى أحضان الحقيقة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .