العدد 4222
الأربعاء 06 مايو 2020
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
في وجه قوانين التغيير
الأربعاء 06 مايو 2020

بعد الحرب العالمية الأولى تغيّر العالم وظهرت خريطة جديدة أبرزها انهيار الدولة العثمانية وقيام الجمهورية الكمالية وسقوط الامبراطورية الروسية وبروز الاتحاد السوفيتي، وبالطبع نهوض ألمانيا من هزيمتها وتحولها إلى دولة نازية غزت العالم.

بعد الحرب العالمية الثانية، شهد العالم خريطة جديدة خرجت من مؤتمر يالطا أبرزها نشوء كتلة اشتراكية تقاسمت العالم مع الكتلة الرأسمالية وانهيار النظامين النازي ونظام العسكرية اليابانية وتجدد الصراع بين معسكرين حتى انتهى أحدهما بعد الحرب الباردة... خلاصة القول بعد كل منعطف تاريخي يشهد العالم تحولا دراماتيكياً يؤدي لبروز خرائط جديدة وهذه هي قواعد الصراع وقوانين التطور التي لا يمكن الوقوف في وجهها وهو أن العالم يتغير في دورة كونية تؤثر على مجريات الأحداث.

المراقب والمؤرخ المتابع للتطور التاريخي لابد أن يلاحظ أن الخريطة العربية تغيّرت بشكل عشوائي وقسري ونتيجة ردّة فعل للتغيير الدولي ولم يكن العرب مؤثرين في التحولات بل كانوا خلال كل هذا التغيير مجرد وقود لغيرهم... لا على المستوى السياسي ولا التقني والثقافي ولا حتى الرياضي، خرجوا دائماً من المولد بلا حمص!

اليوم تعتبر حالة كورونا الوبائية حربا عالمية وربما أشد لأنها هذه المرة شلّت الكرة الأرضية برمتها وشلت معها كل الخدمات وانهارت الاقتصاديات ومرشح الوضع ليكون أسوأ حتى بعد الزلزال لأن الركود سيستمر وربما نخرج منهُ بقوة إذا تمكن العالم من تجاوز الأزمة بسيطرة على أركان النظام الدولي، لكن المؤكد الذي لن يحتاج أي مراقب لجهد كبير لتوقعه هو أن العالم سيشهد تحولاً غير مسبوق في التعاملات الدولية وفي السياسات والمصالح وحتى في العلاقات وبالتالي ستكون هناك خرائط اقتصادية وسياسية مرشحة لتكون مفتاح عالم جديد ينشأ ما بعد كورونا، وقد يكون الاتحاد الأوروبي وإيران والصين من أبرز المواقع التي سيضربها التغيير والسؤال هل العرب استعدوا أو على الأقل في وارد التأثر بالتغييرات القادمة التي هي مؤكدة، ولكن غير المؤكد هو كيف سنتأثر في الجزء العربي من العالم بالتغيير القادم؟

مشكلتنا الراهنة تكمنُ في العلاقات والمجاملات وعدم الجرأة في طرح الرؤى والأفكار وعدم المبادرة في وضع التصورات وبناء القواعد التي تقوم عليها الحضارات، وهذه مشكلة تكمن في سيطرة التطرف بكل أنواعه الديني والسياسي وهيمنة الآيديولوجيا على العقل بدل المعرفة وهنا تكمن مصيبة التفكير العربي الذي لا يستطيع التحرر من تابو الآيديولوجيا التي أكلت العقول وفي طبيعة بعض الأنظمة السائدة التي لا تريد رؤية المستقبل مقابل الإبقاء على العلاقات التقليدية وفرض الأساطير والخرافات، ما يجعلنا نواجه صعوبة في التكيف مع العلوم والمعارف والثقافات التي تحتاج لمناخات حرة تعارضها الخرافات والأساطير، لذلك أشك أن التغيير القادم سيكون نابعا من داخلنا، بل سيُفرض علينا مثل كلّ دورة تاريخية.

 

تنويرة:

دع الرياح تسير مركبك، لكن اعرف قبلها اتجاهك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .