في ظل جائحة كورونا الرهيبة اعتقد الكثيرون وكنت منهم لبعض الوقت أن عالم ما بعد كورونا سيكون مختلفا تماما عن عالم ما قبل كورونا في كل مناحي الحياة وعلى مستوى العلاقات الدولية، لكن يبدو من خلال تطورات الأحداث أن هذا الاعتقاد لن يتحقق بشكل كامل أو مطلق، فعالم ما بعد كورونا سيكون مختلفا عن عالم ما قبل كورونا ولكنه لن يكون أفضل منه.

فهناك شعوب ستزداد فقرا على فقر، وهناك دمار اقتصادي واجتماعي سيحدث، وهناك مجاعات منتظرة بسبب الدمار الذي سيحدثه هذا الفيروس الجبار، فقد أعلن صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الآسيوي الذي لم يتوقف عن النمو منذ ستين عاما سيتوقف هذا العام عن تحقيق أي نمو، وقس على ذلك ما شئت على مستوى العالم كله.

الشيء الذي يجعلنا نتوقع الأسوأ في عالم ما بعد كورونا هو أن الكبار في هذا العالم يتجهون أكثر وأكثر نحو الصراع وليس التعاون للتغلب على هذه الكارثة، ففي الولايات المتحدة مثلا أعلن الرئيس ترامب وقف تسديد حصة الولايات المتحدة لمنظمة الصحة العالمية بحجة انحياز المنظمة إلى الصين العدو اللدود لبلاده. الولايات المتحدة تتهم الصين بإخفاء المعلومات حول الفيروس وخطورته وتفشيه، وهو اتهام سيدفع الصين نحو الصراع وليس التعاون ويجعل العالم كله تحت رحمة الدولتين الكبيرتين، وسيزداد الحديث عن نظريات المؤامرة والرغبة في تدمير الآخر بدلا من الحديث عن التعاون والجهود الدولية لإنقاذ الكوكب.

والولايات المتحدة تحاول حشد أوروبا والعالم في سعيها لتحميل الصين مسؤولية تفشي الفيروس والتسبب في الدمار البشري والاقتصادي الذي وقع وضرورة معاقبتها على ذلك بكل السبل بعد أن تنتهي الجائحة.

سياسات لا تبشر بخير لهذا العالم الذي يتجه أكثر نحو الصراع وليس نحو التعاون، ويبدو أن العالم بحاجة إلى فيروس أشد فتكا من كورونا لكي يتغير.