العدد 4228
الثلاثاء 12 مايو 2020
banner
أثر اﻟﻐﻠﻂ في العقد
الثلاثاء 12 مايو 2020

من أهم أركان العقد توفر الرضا، لأن العقد يجب أن يتم بقناعة واقتناع الأطراف، لذا يقال “العقد شريعة المتعاقدين”، أي ما اتفقا عليه وفق إرادتهما الكاملة الحرة غير المشوبة. وهناك حالات معينة ذكرها القانون المدني، تؤثر على الرضا ومن ضمنها حالة الغلط “مستيك”. ووفق القانون، فإن حدوث الغلط يعتبر من ﻋﻴــﻮب الرضا وبالتالي يؤثر على سلامة وقانونية العقد الذي تم بين الأطراف.

وبصفة عامة، فان الغلط في العقد، يتمثل في أنه عبارة عن اعتقاد خاطئ “خطأ” يطرأ في ذهن المتعاقد للدرجة التي توهمه على تصور غير الواقع تصورا كاذبا “خطأ”، يدفعه إلى إبرام عقد قانوني ما كان ليحصل لو تبين له حقيقة الأمر. فالغلط، يمكن القول إنه “اعتقاد خاطئ” يطرأ في ذهن المتعاقد فيصور له الأمر على غير حقيقته ويكون هو الدافع الأساسي الى التعاقد. وهذا “الاعتقاد الخاطئ” تصور كاذب يؤدي بالمتعاقد إلى إبرام عقد ما كان ليبرمه لو تبين حقيقة هذا الواقع. وانطلاقا من هذا، فانه يصيب أو يؤثر على “الإرادة” عند إبرام التعاقد فيوجهها وجهة لا تتفق مع الواقع الذي تمثل في ذهن هذا المتعاقد وعلى غير حقيقته.

وعند حدوث الغلط، فإن الإرادة بنيت على وقائع غير حقيقية “مغلوطة”، ولذا فإن القانون قرر عدم صلاحية هذه الإرادة لترتيب الآثار القانونية التي قصدتها. وهذا في حقيقة الأمر، هو الذي يبرر حماية القانون للمتعاقد الذي وقع في غلط أو كان ضحية لهذا الغلط بأي شكل كان أو بأي صفة. وانطلاقا من قاعدة حرية الإرادة عند التعاقد، فإن القانون ينص على إعطاء الحق لهذا المتعاقد في إبطال تصرفه الذي تم بسبب “الغلط”، وبذا يصبح العقد “قابلا للإبطال” لعدم توفر ونقصان الإرادة بسبب الغلط في الوقائع والمعطيات المتوفرة. ولا بد من القول، إنه إضافة للغلط، هناك حالات أخرى تجعل العقد قابلا للإبطال مثل الإكراه عند التعاقد أو انتهاج الغش والتدليس، ولكل من هذه الحالات شروطه ومعطياته التي يتم إبطال العقد بموجبها.

ولتوضيح الغلط، نذكر هذا المثال، شخص لديه قطعتا أرض بنفس المواصفات والصفات وعرض إحداهما للبيع، وهو يفكر في بيع القطعة (أ)، ووافق المتعاقد على الشراء وهو يفكر في شراء القطعة (ب). هنا الغلط في العقد واضح لأن ذهن كل شخص كان ينصرف لقطعة مختلفة عن الحقيقية، وهذا يجعل مثل هذا العقد قابل للإبطال “فويدأبل كونتراكت” لوجود الغلط عند التعاقد. وهذا بالطبع، ما لم يقبل المشتري بالقطعة الأخرى بعد علمه بالحقيقة، لأن إبطال العقد يعود له وفق إرادته الكاملة غير المعيبة. ووفق القانون، يجب أن يظل الرضا خاليا من كل العيوب، وأولها “الغلط”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .