+A
A-

قاعدة "الوطية" في ليبيا.. عين أردوغان على غاز المتوسط

رجح مراقبون للشأن الليبي، أن يفتح إمساك قوات وميليشيات حكومة الوفاق الليبية بقاعدة الوطية الجوية، الطريق أمام تركيا لتحويلها لقاعدة عسكرية دائمة في ليبيا، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي في منطقة شمال إفريقيا وقربها من البحر الأبيض المتوسط وأوروبا، بما يخدم أهداف الرئيس رجب طيب أردوغان ومشروعه لا سيما في المناطق التي تشرع له المجال للتنقيب عن الغاز في المتوسط.

وتمكنت قوات حكومة الوفاق، الاثنين، من دخول قاعدة الوطية الجوية التي كان الجيش الليبي يستغلها في شن هجماته على مواقع الميليشيات المسلّحة بالعاصمة طرابلس وبمدن الغرب الليبي ويستخدمها لتعزيز خطوط الإمدادات نحو قواته هناك، وذلك بعد دعم عسكري سخيّ من تركيا.

وتعد هذه القاعدة من أهم القواعد الجوية الليبية وأكبرها، إذ تبلغ مساحتها نحو 50 كلم مربع، وتضمّ بنية عسكرية ضخمة شديدة التحصين، أقامتها الولايات المتحدة في أربعينيات القرن الماضي، وتتسم بموقع استراتيجي هام بقربها من الحدود التونسية والجزائرية وكذلك من البحر المتوسط، وتتيح تنفيذ عمليات قتالية جوية ليس بنطاق العاصمة طرابلس فقط وإنما بكامل المنطقة الغربية وحتى وسط ليبيا.

عين أردوغان على الغاز

وتعليقا على التطورات الميدانية الأخيرة، اعتبر المحلّل السياسي أبو يعرب البركي في تصريح لـ"العربية.نت"، أن الجهود العسكرية التركية هي التي رجحت الكفة لصالح قوات الوفاق، مشيرا إلى أنه لا يمكن اعتبار من دخل قاعدة الوطية الجوية قوات تابعة للوفاق، بل هي تركيا بشكل علني وواضح.

كما أضاف أن تركيا ستضع يدها على الوطية وتحولها إلى قاعدة عسكرية دائمة في ليبيا في حال لم يستعدها الجيش، لأهداف عدّة يخطط لها الرئيس رجب طيب أردوغان، من بينها محاصرة أوروبا، ومحاولة التأثير السياسي في تونس والجزائر، خاصة أن هذه القاعدة تكمن أهميتها الاستراتيجية في كونها على الحدود في أكثر من جهة، لافتا إلى أن أردوغان باستحواذه على الوطية وعلى مدن الغرب الليبي، سيكون أمام فرصة كبيرة لفرض نفسه في خارطة غاز شرق المتوسط ، خاصة أن ممرات الغاز الليبي تسير في ذات الاتجاه الذي دخله اليوم.

إلى ذلك، رجحّ البركي، أن يرفض أردوغان دعوات المجتمع الدولي بالدخول في هدنة واستئناف مسار التفاوض من أجل وضع حل سلمي للأزمة في ليبيا، بل المضي في التصعيد العسكري دون توقف، على الرغم من توقيعه على بيان مؤتمر برلين مطلع السنة الذي دعا إلى وقف التدخلات الخارجية والدعم العسكري للأطراف الليبية، متوقعا أن يحاول السير نحو مدينة ترهونة، المعقل الرئيسي لقوات الجيش بالعاصمة طرابلس، ثم الجفرة، ومنطقة الهلال النفطي للاستحواذ على النفط الليبي، مشيرا إلى أن أردوغان لن يتردد في القيام بعمليات تنقيب في المياه الإقليمية الليبية على الغاز، وفقا للاتفاقية التي وقّعها مع السراج.

وكانت تركيا وقعت اتفاقا مثيرا للجدل نهاية شهر نوفمبر الماضي مع حكومة الوفاق لترسيم الحدود البحرية، يسمح لأنقرة بالاستحواذ على مناطق بحرية والاستفادة من موارد الطاقة، ومنذ ذلك الحين عملت على مساعدة حكومة الوفاق على البقاء في الحكم وتثبيت وجودها، من خلال دعمها عسكريا بمختلف أنواع الأسلحة وبالمقاتلين الأجانب، وسياسيا ودبلوماسيا.

أطماع أردوغان

لكن البركي لا يعتقد أن أطماع تركيا ستقف عند هذا الحدّ، قائلا "من يعتقد أن أردوغان سيتوقف على حدود ليبيا فهو لم يعرف أي عقلية يتحرك بها النظام التركي، سيذهب للجنوب من أجل السيطرة على قاعدة "الويغ" الواقعة في منطقة القطرون، ليتحكم في الساحل الإفريقي".

من جانبه، أكد المحلل المتخصص في الشأن التركي علي بكير أن سيطرة الوفاق على الوطية، تعني أن جنوب طرابلس والمنطقة الغربية باتا آمنين. وأضاف بكير في تغريدة أن حكومة الوفاق ستتمكن من نشر المزيد من الأصول العسكرية في القاعدة التي من المحتمل أن تستخدمها تركيا بعد إعادة تأهيلها، الأمر الذي سيغيّر طبيعة المعركة في المسرح الليبي.

تسليم القاعدة لأنقرة

بدوره، رأى المحلّل السياسي الليبي أحمد عيساوي في تصريح لـ"العربية.نت"، أن حكومة الوفاق ستسلم قاعدة الوطية إلى أنقرة لتعزيز تواجدها العسكري بليبيا، تضاف إلى القواعد الأخرى التي تديرها تركيا سواء بمطار معيتيقة في طرابلس أو الكلية الجوية بمصراتة، مقابل الدفاع عنها، مشدّدا على أن إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قاعدة الوطية، يعني "تهديدا كاملا لشمال إفريقيا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، خاصة أن أطماع تركيا السياسية والاقتصادية ومحاولاتها بناء الدولة العثمانية على ظهور الليبيين باتت معلومة للجميع".

يذكر أن قوات الوفاق سيطرت، الاثنين، على قاعدة الوطية الجوية، بعد ساعات من اتصال هاتفي أجراه أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، دعاه فيه إلى زيارة تركيا لبحث الخطوات التنفيذية لمذكرتي التفاهم حول التعاون الأمني والعسكري الموقعة بينهما في شهر نوفمبر الماضي، وبالتزامن مع إعلان تركيا نيتها بدء عمليات التنقيب على الغاز قبالة السواحل الليبية، بعد الحصول على الضوء الأخضر من حكومة الوفاق.