+A
A-

عبدالله السعداوي وتغير الاتجاهات التركيبية في الشكل المسرحي

يقف الفنان المسرحي القدير عبدالله السعداوي كواحد من الأعمدة الأساسية التي يقوم فوقها البناء المسرحي المعاصر في الخليج، وإذا كان هناك ثلاثة قد غيروا وجه الفن المسرحي في فرنسا وهم: كوبو، وأرتو، وفيلار، فان عبدالله السعداوي استطاع أن يغير وجه المسرح في دولنا، ومازال شعلة متوهجة تضيء المسرح كل ليلة، ودما حارا يملأ الجو المسرحي حركة وحياة، جاء يغزو المسرح، فلم يضف جديدا إلى وجهه الذي تغير بقدر ما خلق له وجها آخر جديدا.

عبدالله السعداوي وضع "الإيماء" في خدمة العمل المسرحي كما فعل کوبو، واستخدم " الفنون التشكيلية " كما فعل أرتو، وحافظ على "الإيقاع" في الفعل والحدث والحركة كما فعل فيلار، ولكنه جمع بين هذه الرؤى المسرحية المختلفة؛ للوصول إلى خلق

"لغة مسرحية" قوامها الحركة التي من شأنها تحريك المشاهدين إلى جانب تحريكهم نفسيا.

حضرت معظم المسرحيات التي خرجت من عقلية السعداوي "مؤلفا ومخرجا"، وأحدثت صرخات فكرية كانت الأكثر جرأة في تاريخ المسرح الخليجي، رومانسية، وصراعات، ومواقف درامية، وخيالا مستمدا من العاطفة، ومنطقا جديدا في التفكير ونكهة خاصة جميلة المذاق، واذكر عندما فاز بجائزة أفضل إخراج في مهرجان القاهرة التجريبي في التسعينات عن مسرحية" الكمامة" للكاتب الإسباني الفونسو ساستري، ذهبت إليه وباركت له ورأيته كما نعرفه دائما إنسانا يتدفق بالحياة وينطق بطيبة القلب ومحبة كل من حوله.

القضية الفكرية التي عالجها السعداوي في "كمامة" الفونسو ساستري، تألق في مفاهيمها بكل معاني التقدم والإيجابية والروح الثورية الخالصة، واستطاع بذكاء أن يحقق الكفاية والرفاهية والاستمتاع لكل المشاهدين، فكل ما كان يهمه هو أن يفعل شيئا جديدا ويداوم على عمل الجديد وتقديمه في صورة مبتكرة، واستخدام أساليب درامية من التعبيرية وتحليل الدوافع النفسانية التي تكمن وراء ما يرتكبه المرء من أثام.

مسرحيات السعداوي في كمها وكيفها تدل على أنه يسعى وراء التجديد ومهاجمة المعتقدات القديمة في المسرح، وجعل "التجريب" مقبول لدى جميع الناس باختلاف طباعهم وتصرفاتهم، باختصار..عبدالله السعداوي غيَّر الاتجاهات التركيبية في الشكل المسرحي.