العدد 4255
الإثنين 08 يونيو 2020
banner
ابتعد عن حديقتي
الإثنين 08 يونيو 2020

في مقابل النموذج الهمجي الذي مثله رجل الشرطة الأميركي الأبيض “ديريك شوفن” الذي ظن في نفسه تفوقًا على غيره وخصوصا من ذوي البشرة السوداء يمنحه الحق في قتلهم بالضغط على رقابهم كما فعل مع “جورج فلويد”، معتقدًا أن الجو العام السائد في بلاده سيحميه من المساءلة والعقاب، فإذا به يشعل بحماقته ووحشيته حركة احتجاج “تاريخية” في الولايات المتحدة الأميركية، ويدفع مئات الآلاف للنزول إلى الشوارع تنديدا بالعنصرية والعنف، كانت أستراليا تشهد نموذجًا إيجابيًا لفهم الحقوق والواجبات وعدم التفرقة بين الناس، بل بين رئيس وزرائها “سكوت موريسون” وبين واحد من المواطنين الأستراليين.

فقد كان موريسون يتحدث للصحافيين في إحدى المناطق عن خطته لمساعدة أصحاب المنازل وتنمية المنطقة عندما قاطعه أحد السكان، مبديًا انزعاجه مما يحدث في حديقته طالبًا من الجميع الابتعاد عن العشب، متذمرًا من وقوف الصحافيين داخل حديقته، مبررًا ذلك بأنها حديثة الزراعة، فما كان من رئيس الوزراء الأسترالي إلا أن يقول “بالتأكيد دعونا نبتعد” في إقرار بحق الرجل في ملكيته الخاصة دون أن يلجأ لاستخدام نفوذه وسلطته في إخراس الرجل والتنكيل به، وهو ما قوبل بتقدير وارتياح من الرجل الغاضب فإذا به يهدأ ويقول لرئيس الوزراء “شكرًا يا رفيقي”، الذي بادله بالشكر والتأكيد على أن كل شيء بات على ما يرام وأخذ الجميع مواقعهم الصحيحة بعيدا عن عشب الحديقة، واستكمل المؤتمر الصحافي.

الرجل “الأسود” الذي قال “لا أستطيع التنفس” دون أن يجد رحمة من الشرطي الذي أودى بحياته بطريقة وحشية ومهينة، يعكس صورة فجة من عنصرية بغيضة متأصلة وراسخة وسوء استخدام السلطة واستسهال البطش والقمع، بينما الرجل الذي قال لرئيس وزراء بلاده والصحافيين من حوله “ابتعدوا عن حديقتي” يعكس صورة لمجتمع متحضر لا يميز بين المواطنين ويحترم حقوقهم ولا يسمح بالتعدي عليها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .